التي أرادها الله لها ، وذلك في قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )(١) ، وقد قضى الله تعالى بتعيين ولي الأمر بقوله تعالى : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ )(٢).
وقد عيّن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهم شخصية ذلك الولي فعلاً وقولاً في أكثر من موقف منذ حديث بدء الدعوة وحتى يوم غدير خم حيث قام آخذاً بيد عليّ عليه السلام رافعاً له حتى بان بياض إبطيهما وقال : ( من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ). ولعل آخر مشهدٍ كان في يوم الخميس قبل وفاته صلى الله عليه وآله وسلم بأربعة أيام حين دعا بدواة وكتف ليكتب للأمّة كتاباً لن يضلوا بعده أبداً ، فمنع من ذلك ، وقد مرّ الحديث عنه مفصلاً ، كما مرّ أنّ ابن عباس وهو أحد شهود ذلك المشهد وأوحد الرواة له ، كان إذا ذكر يوم الخميس بكى حتى يبل دمعه الحصى (٣).
فهذا هو الحظ الذي ضيعته الأمّة حين أخّرت من قدّم الله ، ولم تجعل الوراثة والولاية حيث جعلها الله كما قال لهم ابن عباس. وقد خلف في نفسه من تباريح الأسى ما كان يطفح به كلامه ، سواء في خطبه أو إحتجاجاته ، وحتى أحاديثه الخاصة ، ولم يكتف حبر الأمة بمجرد التوبيخ المحض والتقريع الممض ، بل أنذرهم بسوء المنقلب وبئس المصير ،
____________________
(١) سورة الأحزاب / ٣٦.
(٢) المائدة / ٥٥.
(٣) لقد مرت الإشارة إلى ذلك في الحديث عن حياة ابن عباس رضي الله عنه في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، فراجع.