راضٍ به وراغبٍ عنه ، وإنّما بعث عبد الله بن قيس ـ حكم أهل العراق ـ لهدى إلى ضلالة ، وبعث عمرو بن العاص ـ حكم أهل الشام ـ لضلالة إلى الهدى ، فلمّا التقيا رجع عبد الله عن هداه ، وثبت عمرو على ضلالته ، والله لئِن حُكّما بالكتاب لقد حكما عليه ، وإن حُكّما بما اجتمعا عليه معاً ما اجتمعا على شيء ، وإن كان حُكّما على ما سارا إليه ، لقد سار عبد الله وإمامه عليّ عليه السلام ، وسار عمرو وإمامه معاوية ، فما بعد هذا من غيب ينتظر ، ولكن سئموا الحرب ، وأحبوا البقاء ، ودفعوا البلاء ، ورجا كلّ قوم صاحبهم ) (١).
٨ ـ أخرج أبو داود الطيالسي في مسنده ، بسنده عن أبي نضرة ، قال : خطبنا ابن عباس على منبر البصرة ، فحمد الله عزوجل وأثنى عليه ، ثم قال :
( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما من نبيّ إلاّ وله دعوة كلّهم قد تنجزها في الدنيا ، وإنّي أدخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، ألا وأنّي سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر ، وأوّل من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر ، وبيدي لواء الحمد تحته آدم من دونه ولا فخر ، ويشتد كرب ذلك اليوم على الناس ، فيقولون : انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فليشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا ، فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : أنت الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته ، فاشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي ديننا ، فيقول : إنّي لست هناكم ، إنّي أخرجت من الجنة بخطيئتي ، وأنّه لا يهمني اليوم إلاّ
____________________
(١) جمهرة خطب العرب ١ / ١٧٤.