فبكى أمير المؤمنين عليه السلام ثم قال : يا يهودي هيّجت أحزاني ، كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلت الجبين ، مقرون الحاجبين ، أدعج العينين ، سهل الخدين ، أقنى الأنف ، دقيق المسربة ، كث اللحية ، برّاق الثنايا ، كأنّ عنقه أبريق فضة ، كان له شعيرات من لبتّه إلى سرّته ملفوفة كأنّها قضيب كافور ، لم يكن في بدنه شعيرات غيرها ، لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصير النزر ، كان إذا مشى مع الناس غمرهم بنوره ، وكان إذا مشى كأنّه يتقلع من صخر أو ينحدر من صبب ، كان مدور الكعبين ، لطيف القدمين ، دقيق الخصر ، عمامته السحاب ، وسيفه ذو الفقار ، وبغلته دلدل ، وحماره اليعفور ، وناقته العضباء ، وفرسه لزاز ، وقضيبه الممشوق ، وكان عليه السلام أشفق الناس على الناس ، وأرأف الناس بالناس ، كان بين كتفيه خاتم النبوة ، مكتوب على الخاتم سطران ، أمّا أوّل سطر : فلا إله إلاّ الله ، وأمّا الثاني : فمحمد رسول الله. هذه صفته يا يهودي.
فقال اليهوديان : نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله ، وأنّك وصي محمّد حقاً.
فأسلما وحسن إسلامهما ولزما أمير المؤمنين عليه السلام ، فكانا معه حتى كان من أمر الجمل ما كان فخرجا معه إلى البصرة ، فقتل أحدهما في وقعة الجمل وبقي الآخر حتى خرج معه إلى صفين فقتل بصفين ... أهـ ).