وطفق يحمد الله ، يكرر ذلك.
ثم قال : من أين جئت يا عبد الله؟ قلت : من المسجد.
قال : كيف خلفت ابن عمك؟ فظننته يعني عبد الله بن جعفر ، قلت : خلّفته يلعب مع أترابه.
قال : لم أعن ذلك ، إنّما عنيت عظيمكم أهل البيت؟
قلت : خلّفته يمتح بالغرب (١) على نخيلات من فلان وهو يقرأ القرآن.
قال : يا عبد الله عليك دماء البُدن إن كتمتنيها ، هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟
قلت : نعم.
قال : أيزعم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نصّ عليه؟
قلت : نعم ، وأزيدك سألت أبي عما يدّعيه؟ فقال : صدق.
فقال عمر : لقد كان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمره ذرواً من قول ، لا يثبت حجة ، ولا يقطع عذراً ، ولقد كان يربع في أمره وقتاً ما ، ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه (٢) فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإسلام ، لا وربّ هذه البنية لا تجتمع عليه قريش أبداً ، ولو وليها لانتفضت عليه العرب من أقطارها ، فعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّي علمت ما في نفسه فأمسك ، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم ) (٣).
____________________
(١) يمتح بالغرب : أي بالدلو.
(٢) أشارة إلى حديث الكتف والدواة وقد مرّ مفصلاً.
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ / ٩٧ ط مصر الأولى ، كشف اليقين للعلامة الحلي / ٩٤ ط حجرية ٤٦٢ ط محققة ، كشف الغمة ٢ / ٤٦ ، بحار الأنوار ٣٨ / ١٥٦.