عن طريق الهدى.
وَفِي الْحَدِيثِ « لَا أَعْلَمُ أَنَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ جِهَاداً إِلَّا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَالْجِوَارَ ».
وفسرت بالاعتكاف كما صرح به ابن الأثير في النهاية. ومنه « فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي » أي اعتكافي. والجِوَارُ بالكسر : أن تعطي الرجل ذمة فيكون بها جارك. والجَارَةُ : الضرة ، قيل لها جارة استكراها للفظ الضرة. ومن أمثال العرب « إِيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَة » قيل أول من قال ذلك سهل بن مالك الفزاري ، وذلك أنه خرج فمر ببعض أحياء طي فسأل عن سيد الحي فقيل هو حارثة بن لام الطائي ، فأم رحله فلم يصبه شاهدا ، فقالت له أخته : انزل في الرحب والسعة ، فنزل فأكرمته وألطفته ، ثم خرجت من خباء فرآها أجمل أهل زمانها فوقع في نفسه منها شيء فجعل لا يدري كيف يرسل إليها ولا ما يوافقها من ذلك ، فجلس بفناء الخباء وهي تسمع كلامه فجعل ينشد :
يا أخت خير البدو والحضاره |
|
كيف ترين في فتى فزاره |
أصبح يهوى حُرة معطاره |
|
(إياك أعني واسمعي يا جاره ) |
فلما سمعت قوله علمت أنه إياها يعني ، فضرب مثلا (١). ومنه قَوْلُهُ عليه السلام « نَزَلَ الْقُرْآنُ بِإِيَّاكِ أَعْنِي! وَاسْمَعِي يَا جَارَةُ ».
وقد تقدم الكلام فيه في عني.
وَفِي الدُّعَاءِ « يَا مَنْ ( يُجِيرُ وَلا يُجارُ عَلَيْهِ ) ».
أي ينقذ من هرب إليه ولا ينقذ أحد ممن هرب منه ، وكلاهما من الإجارة وليس الثاني من الجوار. و « أَجَارَهُ الله من العذاب » أنقذه. واسْتَجَارَهُ : طلب منه أن يحفظه فأجاره. و « المُسْتَجَارُ » من البيت الحرام هو الحائط المقابل للباب دون الركن اليماني ،
__________________
(١) النظر الفاخر في الأمثال صلى الله عليه وآله ١٥٩.