فائدة (٦)
حديث قياس إبليس مروي عن عدة طرق في الكافي وغيره وفي بعضها ان أول من قاس إبليس حيث قاس نفسه بآدم فقال خلقتني من نار وخلقته من طين فلو قاس الجوهر الذي خلق منه آدم بالنار كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار (١)
أقول : لا يخفى ان المراد من الأحاديث المشار إليها ذم القياس وإبطاله بإبطال هذه الصورة ليظهر فساد القياس المتعارف وذلك من وجوه اثنا عشر.
أحدها : ان يكون المراد أن إبليس قاس نفسه بآدم فدله قياسه الفاسد على انه خير من آدم حيث انه خلق من النار وخلق آدم من طين وأخطأ في القياس فإنه لو عرف حقيقة ما خلق منه آدم وهو النور الذي هو أشرف من النار وأكثر ضياء منها لعلم ان قياسه معكوس عليه فان كان جاهلا بحال المقيس والمقيس عليه لم يجز القياس وكان فاسدا وان كان عالما كان أشد فسادا وكان كقول أبي حنيفة قال على وقلت انا. (٢).
فعلى التقدير الأول لا يعلم القياس وجه القياس فلا يحصل له العلم بالمساواة بين المقيس والمقيس عليه وقد يكون في الواقع القياس كقياس إبليس وعلى التقدير الثاني فالأمر أوضح فسادا حيث ترك ما يعلم الى ما لا يعلم كما ترك أبو حنيفة قول
__________________
(١) كاج ١ ص ٥٨ ح ١٨.
(٢) كا ج ١ ص ٥٧ ح ١٣.