فائدة (٩٦)
قد وقفت على رسالة لبعض المعاصرين في مسئلة الأصل في الأشياء وزعم انه اثبت الإباحة فيها بالآيات والاخبار وفيها أنواع من التشكيك والاستدلال الركيك وفنون من التمويهات وضعف التوجيهات لا يحسن نقلها والجواب عنها ، وأحببت أن أذكر شبهاتها وأجيب عنها لئلا تدخل الشبهة على من نظر فيها فيقوى طريق التسامح والتساهل ويضعف طريق التوقف والاحتياط أعاذ الله المؤمنين من ذلك وأنجاهم من مثل هذه المهالك.
قال المعاصر : اختلفوا في الأفعال الاختيارية التي لا يحكم العقل فيها بحسن ولا قبح قبل ورود الشرع على ثلاثة مذاهب.
الأول : ذهب بعض المعتزلة إلى تحريم هذه الأفعال.
الثاني : ذهب بعض المعتزلة والإمامية إلى الإباحة.
والثالث : ذهب الأشعري إلى التوقف.
أقول : قوله قبل ورود الشرع ينافي استدلاله بالآيات والروايات لأنها أدلة شرعية ، والمعهود من علماء الأصول إنهم يستدلون هنا بوجوه عقلي ضعيف جدا واضح الفساد لان المفروض عدم ورود الشرع بحكمها وهذا تناقض ظاهر بل فرض وجود المكلفين قبل ورود الشرع لا يتم على مذهب الإمامية إذ هم قائلون بوجوب النبوة والإمامة وأن الشرع موجود في جميع زمان التكليف وان كل واقعة لها حكم معين وعلى كل حكم دليل شرعي فلا يكون محل النزاع