( فائدة ١٠٢ )
قد تواتر في الكتاب والسنة ذم الكثرة ومدح القلة ومن تأمل ذلك ظهر له نفى حجية الإجماع لأنه عند التحقيق يرجع الى الشهرة والكثرة كما ذكره الشهيد في الذكرى ولو علم دخول المعصوم انتفت فائدته مع ان ذلك أمر قد اعترفوا باستحالته في زمان الغيبة مع ان كل إجماع ادعوه في زمان الغيبة بل ذهب جماعة الى عدم إمكان تحققه وجماعة الى عدم إمكان الاطلاع عليه والاعتبار الصحيح شاهد به والعلم العادي حاصل بأنه غير مقدور وان الاعتقاد أمر خفي غير محسوس وكثيرا ما يمنع من إظهاره موانع.
ومن هنا يظهر ضعف دليل العامة على امامة أئمتهم فإنه منحصر عند التحقيق في الإجماع المدعى بل في الشهرة والكثرة ، وذلك مطلب جليل كثير الفائدة.
فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى ( فَلَمّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ تَوَلَّوْا إِلّا قَلِيلاً مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظّالِمِينَ ) (١).
وقوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلّا قَلِيلاً مِنْهُمْ ) (٢).
وقوله تعالى : ( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصّابِرِينَ ) (٣).
__________________
(١) البقرة : ٢٤٦
(٢) البقرة ٢٤٩
(٣) البقرة : ٢٤٩