ولا يكفره شيء.
وثاني عشرها : ان يكون المراد ان قياس إبليس بحسب الظاهر كان واضح الصحة والرجحان من حيث ان المخلوق من التراب مستحق لان تسجد له الملئكة فالمخلوق من النار يجب أن يكون أعظم رتبة منه فلا يجب السجود عليه لمن خلق من التراب كما لا يجب السجود على الثاني للأول وهو مع كونه بحسب الظاهر جليا فاسدا فكيف بالخفي ولا يدل على جواز القياس في منصوص العلة ولا قياس الأولوية لما يظهر من آخر الحديث من عدم استدلاله عليهالسلام بالقياس على حكم أصلا ولو سلمنا استدلاله عليهالسلام بصورة من القياس لم يدل على جوازه مطلقا لان من المعلوم ان علمهم عليهمالسلام غير مستند الى القياس بل مأخوذ عن النبي صلىاللهعليهوآله عن الله عزوجل بل لو فرض استناد علمهم اليه وجوازه لهم لم يدل على جوازه لغير المعصوم كما لا يخفى والله تعالى اعلم.
وقد روى على بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن إسحاق بن جرير قال قال أبو عبد الله عليهالسلام أى شيء يقول أصحابك في قول إبليس خلقتني من نار وخلقته من طين قلت جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه قال كذب إبليس لعنه الله يا إسحاق ما خلقه الله الا من طين ثم قال قال الله ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) خلقه الله من تلك النار وخلق النار من تلك الشجرة والشجرة أصلها من طين (١).
واعلم انه يفهم من الأحاديث المشار إليها ومن عدة أحاديث ومن عبارات جماعة من فقهائنا ان القياس كان يطلق عندهم على مطلق الاستنباط والاستدلال الظني لأنه يرجع الى القياس أو يكون دليل حجية القياس ومن تأمل الأحاديث تحقق ذلك ولهذا كانوا يطلقون المقاييس على جميع طرق الاجتهاد كما في مناقشات الصدوق ابن بابويه مع الفضل بن شاذان ويونس بن عبد الرحمن وهنا كلام آخر يأتي في بعض الفوائد ان شاء الله تعالى.
__________________
(١) تفسير القمي ج ٢ ص ٢٤٤ ط النجف.