وذلك يقتضي عدم اعتبار غير العدالة من أمارات الرجال ، وحينئذ تنتفي الحاجة إلى الرجال ، لأنّ تعديلهم من باب الشهادة ، وشهادة فرع الفرع غير مسموعة ; مع أنّ شهادة علماء الرجال على أكثر المعدّلين من هذا القبيل لعدم ملاقاتهم إيّاهم ولا ملاقاتهم من لاقاهم.
وأيضاً كثيراً ما يتحقّق التعارض بين الجرح والتعديل.
وكذا يتحقّق الاشتراك بين جماعة بعضهم غير معدَّل.
وأيضاً كثير من المعدّلين والثقات يُنقل أنّهم كانوا على الباطل ثمّ رجعوا.
وأيضاً لا يحصل العلم بعدم سقوط جماعة من السند من البين ، وقد اطُّلع على كثير من هذا القبيل ; فلا يحصل للتعديل فائدة يعتدّ بها.
وأيضاً العدالة بمعنى الملكة ليست محسوسة ، فلا يقبل فيها شهادة.
قلنا : الظاهر أنّ اشتراطهم العدالة لأجل العمل بخبر الواحد من حيث هو هو ومن دون حاجة الى التفتيش والإنجبار بشيء كما هو مقتضى دليلهم ورويّتهم في الحديث والفقه والرجال ، فإنّ عملهم بأخبار غير العدول أكثر من أن يحصى ، وترجيحهم في الرجال قبولها منهم بحيث لا يخفى ، حتّى أنّها ربما تكون أكثر من أخبار العدول التي قبلوها ، فتأمّل.
والعلاّمة رحمهمالله رتّب خلاصته (١) على قسمين : الأوّل فيمن اعتمد على روايته أو يترجّح عنده قبول روايته كما صرّح به في أوّله (٢) ، ويظهر من طريقته في هذا القسم من أوّله إلى آخره أنّ من اعتمد به هو الثقة ومن
__________________
١ ـ خلاصة الاقوال في معرفة أحوال الرجال للعلاّمة الحلّي المتوفي سنة ٧٢٦ هـ. انظر الذريعة ٧ : ٢١٤.
٢ ـ الخلاصة : ٤٤ المقدّمة.