محلِّ الإقامة ، بالجمع بين القصر والتمام ، إلى أَنْ يعرفَ فتوى مقلَّده تفصيلاً ؛ لاقتضاء الشغل اليقيني الفراغَ اليقيني في هذا المقام.
فلمّا وصل البصرةَ ، وأخبر طلبتها وعارفيها بهذا الكلام ، أظهر بعضُهم الملامَ ، وبعضٌ أعلنَ بالتشنيع والقول الفظيع ، وبعضٌ نسبَ هذا القولَ إلى الابتداع والخروج عن أقوال الطائفة المحقّة الواجبة الاتّباع ، حتى سرى إلى العوام ، وشاع التشنيعُ بينهم وذاع ، لزعمهم : أنَّ انقضاء الإقامة مطلقاً موجبٌ للتمام ، وانقطاعِ السفر ، فالحكمُ بعدها التمامُ مطلقاً في جميع الصور.
ولم يتنبّهوا لما فيها من الإشكالات ، وكثرةِ الاضطرابات والخلافات ، حتى إنَّ الشهيدَ الثاني قدسسره قال في وصف هذه المسألة ما لفظه : ( يعجلُ في جوابها المتفقّهُ القاصِر ، ويعجزُ عن كشفِ حجابها الفقيهُ الماهر ) (١).
وقال فاضلُ الجواهر قدِّس سرّه الزاهر في وصفِ هذه المسألةِ ممزوجاً بكلام المحقّق :
( المسألة الثالثة التي اضطربت فيها الأفهام ، وزلّت فيها أقدامُ كثيرٍ من الأعلام ) (٢) .. إلى آخر ما ذكره.
وهو كافٍ في بيان صعوبتها ، وكثرةِ الاضطراب والخلاف فيها لمنْ تدبَّره.
فعملتُ حينئذٍ في المسألة رسالةً ، سمّيتُها : ( منهاجَ السَّلامة في حكم الخارج عن مكان الإقامة ).
وحيث عزم جنابُ أخينا المذكور على السفر المقرونِ إنْ شاء اللهُ تعالى بالخير والظفر ، ولم تكملْ الرسالةُ ليقضي بها الوطر ، اكتفيتُ بنقلِ جملةٍ من عبارات فقهاء الإسلام ، وعلماءِ أهل البيت عليهمالسلام ، وأساطين النقض والإبرام ، ممّن ينتسب للمجتهدين والمحدِّثين ، والكشفيين والبالاسريين ؛ ليحصل العذرُ لنا من كلِّ مَنْ
__________________
(١) رسائل الشهيد الثاني : ١٦٨.
(٢) جواهر الكلام ١٤ : ٣٦٣.