يقلِّدهم من المؤمنين.
فأقول : قال شيخُ الطائفة في ( المبسوط ) : ( إذا خرج حاجّاً إلى مكّة ، وبينه وبينها مسافة يقصّر فيها الصّلاة ، ونوى أَنْ يقيم بها عشراً ، قصَّر في الطريق ، فإذا وصل إليها أتمّ ، فإنْ خرج إلى عرفة يريد قضاء نُسكه ، لا يريد مقام عشرة أيّام إذا رجع إلى مكّة ، كان له القصر ، لأنّه نقض مقامه بسفر (١) بينه وبين بلده يقصّر في مثله. وإنْ كان يريد إذا قضى نسكه مقام عشرة أيّام بمكّة ، أتمّ ، بمنى ، وعرفة ؛ ومكة ، حتى يخرج من مكّة مسافراً فيقصّر.
هذا على قولنا بجواز التقصير بمكّة ، وأمّا على ما رُوي من الفضل في الإتمام بها (٢) ، فإنّه يتمُّ على كلِّ حال ، غير أنّه يقصِّر فيما عداها من عرفات ومنى ، وغير ذلك ، إلّا أنْ ينوي المقام عشراً فيتمُّ حينئذٍ على ما قدّمنا ) (٣). انتهى.
وهو صريحٌ في أنّ مَنْ خرج بعد الإقامة من مكانها لا يسوغ له البقاء على التمام ، إلّا إذا نوى بعد العود إقامة عشرة أيّام ، ومع عدمها حكمُهُ القصرُ في جميع الأقسام.
وإناطتُه رحمهالله الحكم لمنْ خرج حاجّاً إلى مكّة ، إنّما هو من باب التمثيل ، لا الحصر في الحاج ، من دون سائر الأنام.
وبمثل عبارة الشيخِ في ( المبسوط ) عبّر ابنُ إدريس في ( السرائر ) (٤) بتفاوت يسيرٍ جدّاً ، فيغني نقلُ عبارة ( المبسوط ) عن نقل عبارته.
وبمثلها أيضاً عبّر ابنُ البرّاج (٥) ، فيما نقل عنه.
وأنت خبيرٌ بأنّ ظواهرها اختصاصُ البقاء على التمام بصورة ما إذا نوى بعد العودة إقامةَ عشرة أيّام.
نعم ، لا بدّ من بناء المسألة في فرضهم ، على كون الخروج إلى عرفات دون
__________________
(١) في المصدر : لسفر.
(٢) التهذيب ٥ : ٤٣٠ / ١٤٩٣ ، و ٤٧٤ / ١٦٦٩ ، الاستبصار ٢ : ٣٣٤ / ١١٩٠ ، الوسائل ٨ : ٥٢٦ ، ٥٢٩ ، ٥٣٠ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ٢٥ ، ح ١١ ، ١٦ ، ٢٠.
(٣) المبسوط ١ : ١٣٨.
(٤) السرائر ١ : ٣٤٥.
(٥) المهذّب ١ : ١٠٩.