المسافة ؛ لعدم ضمِّ الذهاب إلى الإياب لغير يومه ، كما هو وظيفة الناسك ، والله أعلم بما هنالك.
وقال المحقِّق في ( الشرائع ) : ( إذا عزمَ على الإقامة في غير بلده عشرة أيّام ، ثمّ خرج إلى ما دون المسافة ؛ فإنْ عزم على العود والإقامة ، أتمّ ذاهباً ، وعائداً ، وفي البلد ). (١) انتهى.
وهو صريحٌ في أنّه لا يبقى على التمام إلّا مع نيّة العود والإقامة ثانياً عشرة أيّام. أمّا لو لم يَعُدْ ، أو عاد ناوياً أقلَّ من عشرة ، أو تردّد ، أو ذهل ، فظاهره أنّه لا يبقى على التمام. إلّا أنّه رحمهالله سكت عن تفصيل الحكم في هذه الأقسام ؛ ولهذا قال المحقّق الشيخ علي بن عبد العالي في ( فوائد الشرائع ) بعد نقل العبارة المذكورة ما لفظه : ( لهذه المسألة صورٌ :
هذه[ إحداها (٢) ] ، والحكم فيها ما ذكره.
الثانية : أنْ يعزم على المفارقة من حين خروجه. وهذا يقصّر ، إذا خفي عليه الأذان والجدران ، على أصحّ الوجهين. والآخر أنّه لا يشترط خفاؤها ، اقتصاراً في ذلك على بلده.
الثالثة : أنْ يعزم على العود ، من دون الإقامة عشرة. ولا خلاف في أنّه يقصّر في عوده ، إنّما الخلاف في الذهاب والمقصد ).
إلى أنْ قال : ( وَاعلم أنّه لو خرج من موضِع الإقامة ، إلى ما دون المسافة ، ذاهلاً عن العزم أو متردّداً ، ففي الحكم تردّدٌ ، وإتمامُه في ذهابه مقصده قويٌّ ) انتهى كلامُه.
ولا يخفى ما في عبارته من الإشارة إلى الخلاف ، فليعتبر ذوو الإنصاف.
وقال الفاضل العلّامة ضاعف الله إكرامه في ( المنتهى ) ما لفظه : ( لو عزم على الإقامة في غير بلده عشرة ، ثمّ خرج إلى ما دون المسافة ، فإنْ عزم على العود والإقامة ، أتمَّ ذاهباً ، وعائداً ، وفي البلد. وإنْ لم يعزم على العود ، أو عزم ولم
__________________
(١) شرائع الإسلام ١ : ١٣٦.
(٢) في المخطوط : ( أحدها ).