( المصابيح ) ما هذا لفظه : ( اضطربت الأفهامُ ، وزلّت أقدامُ كثيرٍ من الأعلام في أنّ المقيم في موضعٍ عشرة أيّام ، إذا خرج إلى ما دون مسافة القصر ، يبقى على حكم التمام ، أم يعود إليه القصرُ الثابت له قبل المقام؟ وإنّ جمعاً من الفضلاء المتأخرين ، وجملةً من مشايخنا المحقّقين ، قد عدلوا في المسألة عمّا عليه الأصحاب ، وخالفوا ما هو المعروف عندهم في هذا الباب ؛ فمنهم مَنْ أوجب التقصير في جميع صورها ، ومنهم من ذهب إلى الإتمام في شقوق المسألة عن آخرها.
ولم أقف على موافق لهذين القولين ، فيما اطّلعتُ عليه من الأقوال ، ولا نقلهما ناقلٌ من الفقهاء في كتب الخلاف والاستدلال.
بل المستفاد من كلامهم اتّفاقُ الأصحاب على بقاء حكم الإتمام لقاصد العود إلى محلِّ الإقامة ، وإقامة عشرة مستأنفة بعده مطلقاً في ذهابه إلى ما دون المسافة ، وعودِه إلى موضع الإقامة ، وفي المحل.
وكذا الاتّفاق على وجوب القصر لمريد العود من دون إقامة ، فيما عدا الذهاب إلى ما دون المسافة.
وإنّ الخلاف عندهم في حكم الذهاب في الصورة الثانية وفيما عدا هاتين الصورتين من الصور المحتملة في هذه المسألة.
وها أنا أنقل لك ما وقفت عليه من الأقوال ، ثمّ أُتبعها بما يقتضيه الحال من وجوه الاحتجاج والاستدلال ).
وساق الكلام في نقل عبارات الأصحاب في المقام ، إلى أنْ قال : ( وتحريرُ محلِّ النزاع في المسألة ، وبيانُ المتّفق عليه فيها ، والمختلف فيه ، يتوقّف على ذكر صورها المحتملة ، وتصوير شقوقها المتشعّبة ، فنقول : لا خلاف بين الأصحاب رضوان الله عليهم في أنّ المسافر إذا أقام في غير بلده عشرة أيّام ، فإنّه ينتقل من حكم التقصير