إلى منتهى القصد ، قصّر ؛ وفاقاً للشهيد الثاني (١) رحمهالله ، وما يتخيّل من أَنّ فيه إحداثَ قولٍ ثالثٍ في غايةٍ من السقوط.
بل ادّعى الشهيد الثاني (٢) أنّ القائل به أكثر من القائل بأحد القولين ، وهو قضيّة القاعدة الكلّيّة القائلة : إنّ الناوي عشرة في موضعٍ ، إذا صلّى فيه تماماً ، ثمّ بدا له في الإقامة يتمُّ إلى أنْ يقصد مسافةً جديدةً. وكذا الكلام فيما إذا عزم على العود والمقام دون عشرةٍ مستأنفة.
ولو عزم على العود إلى موضع الإقامة وتردّد في إقامة العشرة ، فوجهان : الإتمامُ مطلقاً ، وكونه كالعازم على العود الجازم بعدم الإقامة في جريان الوجهين السّابقين.
والوجهُ : أنَّ العود إلى الموضع المذكور إِنْ كان مستلزماً للعود إلى بلده فالقصر ، وإنْ كان مخالفاً له فالمتّجه الإتمام إلى أَنْ يتحقّق قصدُ المسافة. فتحصّلت وجوهٌ أربعةٌ.
وتعجّب الشهيد الثاني (٣) من ذكر وجه الإتمام مطلقاً هنا ، وعدم ذكره في الجازم بعد العود بعدم الإقامة ، وهو في محلّه. ولو تردّد في العود إلى موضع الإقامة ، فأصحّ الوجهين عندهم القصر ، وفيه ما مرّ من الإشكال.
ولو ذهل عن قصد العود والإقامة ، ففيه الوجوهُ السابقة في العازم على العود المتردّدِ في إقامة العشرة ، إلّا أن يكون الذهولُ لاحقاً ، فالمعتبر العزم السابق ). انتهى كلامُه علت في الخلد أقدامُه.
ومَنْ تأمّل هذا الكلام ، وكلامَ غيرِه من الأعلام ، ونظر بعين الإنصاف ، وجانب الاعتساف ، عرف ما في شقوق المسألة من الإشكال ، ونهاية الإعضال ، بحيث يعجز الفقيهُ الماهر عن الجزم فيها بحال ، واللهُ العالم بحقيقة الحال.
وقال سيّدُ المحقّقين ، وسندُ المدقّقين ، السيّد مهدي الطباطبائي قدسسره (٤) في
__________________
(١) مسالك الأفهام ١ : ٣٥١.
(٢) مسالك الأفهام ١ : ٣٥١.
(٣) مسالك الأفهام ١ : ٣٥١.
(٤) عالم فقيه ، رئيس الإمامية وشيخ مشايخهم في عصره ، ولد بكربلاء سنة ١١٥٥ وتوفي سنة ١٢١٢ ه ، ودفن قريباً من قبر الشيخ الطوسي ، من أشهر مؤلَّفاته : المصابيح في الفقه ، الفوائد في الأصول ، كتاب الرجال ، .. وغيرها كثير. أعيان الشيعة ١٠ : ١٥٨ ١٦٠.