أقول : ومن لمح هذا الكلام بعين التحقيق ، لاحَ له الفجرُ الصادق ، باضطراب الفتاوى ، واختلاف الكلمات ، الموقِعَيْنِ في شباك المضيق ، كما لا يخفى على مَنْ لاحظ الكلمات السابقة ، وما نمّقه قدسسره ممّا سمعته من الكلمات الرائقة.
وقال السيّد الفاضل الشهير بالمير ، السيّد علي الطباطبائي قدسسره في ( الشرح الصغير ) ما لفظه : ( ولو سافر لدون المسافة أتمَّ مطلقاً ، سواء قصد العود إلى محلّ الإقامة وعزم على إقامة عشرة مستأنفة كما هو [ الإجماع (١) ] أو لم يقصد العود إليه أصلاً ، أو قصده ولم يعزم على المقام عشراً ثانياً ، سواء عزم على إقامةٍ ما أو لا.
ولكن ظاهر الأصحاب كما قيل في الصورة الثانية الاتّفاق على القصر ذهاباً وإياباً ، وإنْ اختلفوا في ثبوته بمجرّد الخروج ، أو بعد الوصول إلى حدِّ الترخّص ، كما هو الأقوى ، على تقدير ثبوت القصر بالإجماع المحكي.
وظاهر المشهور في الثالثة أيضاً وجوب القصر ، وإِنْ اختلفوا في إطلاقه بمجرّد الخروج ، أو بعد بلوغ حدّ الترخّص ، أو تقييده بحال الإياب خاصّة. وحجَّتُهم غيرُ واضحة.
ولكن الأحوط الجمع بين التمام والقصر بمجرّد الخروج في الصورتين ، لا سيّما الأُولى مطلقاً ، والثانية إياباً خاصّة ) (٢).
أقول : فليعتبر ذوو الإنظار إلى ما جنح إليه هذا السيّد العالي المنار ؛ إذ لم يؤدِّه فكرُه النقّاد ، وفهمُه الوقّاد ، إلى الجزم في مثل هذا المقام ، حتى التجأ إلى كهف الاحتياط ، بالجمع بين القصر والتمام.
وقال العالم المحقّق ، الشيخ جعفر النجفي قدسسره في ( رسالة الصلاة ) ما لفظه : ( ولو خرج إلى ما دون المسافة أَتمَّ في الذهاب ، وفي نفس المقصد ناوياً للرجوع ، أو متردّداً فيه ناوياً للإقامة بعد الرجوع ، أو لعدمها ، أو متردّداً فيها. ويتمُّ في الرجوع
__________________
(١) في المخطوط : ( إجماع ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٢) الشرح الصغير على المختصر النافع ١ : ٢٠٧.