ليست من أجزاء الصلاة ليوجب الدخول فيها الخروج عن المحلّ كما يوجبه الدخول في جزء آخر من أجزاء الصلاة ، فهي كالسكون في أثناء الصلاة.
ومعنى كونه محلّاً عرفيّاً أنّ أهل العرف إذا علموا أنّ النهوض مثلاً ليس من أجزاء الصلاة ، وأنّه ملغىً في نظر الشارع يحكمون ببقاء محلّ السجود ، فاندفع ما يقال من أنّ أهل العرف لا دخل لهم في بقاء المحلّ وعدمه ، وأنّ مرجعه إلى الشارع. وكلّ ما كان محلّاً عرفيّاً فهو محلّ شرعي ولا عكس.
والمحلّ الشرعيّ ما يكون محلّاً بسبب حكم الشارع وتنزيله ، وإن لم يكن محلّاً عند العرف ، كما إذا نسي الفاتحة وذكرها بعد قراءة السورة ولم يركع ، فإنّه يصدق عليه عرفاً تجاوز محلّ الفاتحة. لكن لمّا أمره الشارع بالإتيان بالفاتحة علم بقاء المحلّ في نظره ، وأنَّ ما أتى به من السورة لا أثر له ، فهذا محلّ شرعيّ لا عرفيّ. وكذا جميع الموارد التي أمر الشارع بإعادة الجزء المنسي فيها بعد تجاوز المحلّ العرفيِّ ، فإنّه يحكم ببقاء محلّه الشرعي ولا يستلزم التخصيص في : « لا تعاد » من جهة أنّ مقتضاها عدم إعادة المنسي إذا كان من غير الخمسة ؛ لأنّه بعد أنْ علم بقاء المحلّ شرعاً لم يكن إعادة حقيقة بل إتياناً بالشيء في محله الشرعي ، وإنّما تصدق الإعادة بعد تجاوز المحلّ.
وأمّا الموارد التي حصل فيها تجاوز المحلّ العرفي ، ولم يحكم الشارع فيها بالإتيان بالمنسي ، فإنْ كان من غير الخمسة لم يلزم تداركه ووجب المضي في الصلاة ، والحكم بصحّتها بمقتضى : « لا تعاد » ، كما يجب الحكم بمقتضاها بالفساد إذا كان من أحد الخمسة ؛ لصدق الإخلال وتجاوز المحلّ عرفاً ، ولم يجيء من الشارع ما يدلّ على بقاء المحلّ الشرعيّ.
وبهذا اندفع ما أورده في ( مدارك الأحكام ) (١) على المشهور ، حيث قالوا : إنّ من نسي الركوع فسجد سجدة واحدة بطلت صلاته ، ولم يجز له تدارك الركوع ، من أنّه
__________________
(١) مدارك الأحكام ٤ : ٢١٦ ٢١٨.