مقتضاها عدم بطلان الصلاة بشيء وجوداً أو عدماً إلّا بالإخلال بأحد هذه الخمسة ، وقوله عليهالسلام : « تسجد سجدتي السهو لكلّ زيادة ونقيصة ترد عليك » (١) ، فإنّ مقتضاه أنّه لا شيء من الزيادة والنقيصة موجب لبطلان الصلاة للإجماع (٢) على أنّ ما يوجب سجود السهو لا يبطلها. وهذا هو الظاهر من الرواية ، وإنْ احتمل كون المراد بيان أنّ الزيادة الغير المبطلة للصلاة توجب سجود السهو ، فلا بدّ من ملاحظة هذه الروايات بعضها مع بعض ومعرفة النسبة بينها ليعمل بما يحصل منها.
والنسبة بين الروايات الدالّة على البطلان بمطلق الزيادة أعمّ من العمديّة ، والسهويّة أعمّ مطلقاً من رواية « لكلّ زيادة ونقيصة » ، باعتبار دلالة تلك الروايات على أنّ الإبطال بمطلق الزيادة سهويّة أو عمديّة ، وهذه تدلّ على عدم إبطال الزيادة السهويّة ، واشتمالها على النقيصة لا يوجب أعمّيّتها من تلك الروايات باعتبار اشتمالها على ما لم تشتمل عليه تلك ؛ لأنّ ذكر النقيصة بلفظ مستقل ، ولم تدلّ على النقيصة في ضمن لفظ دالّ عليها وعلى الزيادة بنحو العموم ؛ ليلاحظ النسبة بينه وبين تلك الروايات. فينبغي حينئذٍ ملاحظة النسبة بين مفاد تلك الروايات وخصوص فقرة الزيادة ؛ لأنّ التعارض إنّما حصل من جهتها.
وأمّا فقرة النقيصة فهي مستقلّة لا دخل لها بمحل التعارض لتلاحظ في مقام النسبة ، فإذا ورد : أكرم زيداً وعمراً وبكراً ، ثم ورد : لا تكرم زيداً لم يكن بينهما إلّا التباين ، فلا بدّ من ملاحظة المرجّحات ، لا أنّ الثاني أخصّ من الأوّل ، وإلّا لجرى عليهما حكم الأعمّ والأخصّ مطلقاً ، ووجب العمل على الثاني دون الأوّل ، مع أنّ الأوّل نصّ فيما ينافي الثاني ، وحمل العام على الخاصّ إنّما هو لكون الخاصّ قرينة التجوّز في العامّ وإرادة خلاف ظاهره. فإذا كانت هذه الرواية أخصّ مطلقاً من تلك الروايات وجب حمل تلك الروايات عليها ، وبينها وبين ما كان مختصّاً بالسهو حمل
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٥٥ / ٦٠٨ ، الإستبصار ١ : ٣٦١ / ١٣٦٧ ، الوسائل ٨ : ٢٥١ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٣٢ ، ح ٣ ، باختلاف فيها.
(٢) مدارك الأحكام ٤ : ٢٣١.