فلا تفيد ترتّب أحد الحكمين على الآخر ، والإتيان بحكم البسملة هنا أنّما هو لمناسبة المقام إيّاه ، حيث إنّه لا يرى القراءة في الأخيرتين حتى يذكره بعد الموضعين.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّه رحمهالله حكم بالجهر في ( جميع الصلاة ) كما هو في كثير من النسخ الصحيحة المصحّحة ، أو في ( جميع الصلوات ) كما في بعضها (١) ، ولا يخفى على ذوي الحلوم ما في كلا النسختين من العموم.
أمّا على النسخة الأُولى ؛ فللإتيان بـ ( جميع ) التي هي من أدوات العموم والاستغراق مضافة إلى المفرد المحلّى باللّام الجنسيّة إنْ [ لم (٢) ] نقل الاستغراقيّة كما اختاره بعض محقّقي الإماميّة (٣).
وأمّا على النسخة الثانية ؛ فلإضافة ( جميع ) إلى ( الصلوات ) الذي هو جمع محلّى باللّام ، فيفيد العموم إجماعاً منّا ، ولم يخالف فيه منهم إلّا مَنْ لا يُعبأ به ، فلو لم يكن الإتيان بـ ( جميع ) تأكيداً للعموم لكان تأكيداً للإلباس ، واللازم باطل ، فالملزوم مثله.
بيان الملازمة : أنّ كلّاً من ( جميع ) و ( اللّام ) يفيدان العموم ، واللفظ الدالّ على شيء يتأكّد بتكرّره ، فلو لم يرد منهما العموم لزم الاشتباه وتكرّر بالتأكيد كما لا يخفى على ذي رأي سديد ، مع أنّ المتبادر ضرورةً من قصد أهل اللغة هذا التركيب إزالةُ اللبس بهذا التكرير ، ولا ينبّئك مثل خبير.
وأمّا رابعاً ؛ فلأنّه قدسسره حكم أوّلاً بالجهر بها في جميع الصلاة أو الصلوات ، ثمّ عقّبه بالجهر في قراءة الصلوات الثلاث الجهريّات ، ثمّ نهى عن الجهر في قراءة الظهرين ، فلم يحتج إلى التنبيه إلّا لبسملة الصلوات الإخفاتيّة ؛ لحصول التنبيه على حكمها في المواضع الجهريّة ، فلو أراد قدسسره من قوله : ( جميع الصلاة ) أو ( الصلوات ) الأُوليين دون الاخريات لكان من قبيل الألغاز والمعمّيات اللذين يصان عنهما كلام أُولئك السراة ، مع أنّه لو أراد الحصر في الأُوليات لم يعجز عن التعبير بقوله بعد ذكره ما يقرأ في الأُوليين ـ : واجهر ببسم الله الرحمن الرحيم فيهما أو في أُوليي الظهرين ؛ صوناً
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٠٢ / ذيل الحديث ٩٢٣.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) معالم الأُصول : ١٤٦ ١٤٧.