جهره عليهالسلام بها في الإخفاتيّة ويخفي ما سواها من أجزاء الفاتحة ، بل لا يخفى دلالتهما على العموم على ذي ثبات.
إذ قد دلّ الصدر على إخبار الراوي أنّ الإمام عليهالسلام يقرأ في فاتحة الكتاب بالبسملة ولا يحذفها ، ولو لم يجهر بها لم يعلم أنّه يحذفها أو يقرأها ، إذ ليس المراد من الجهر إلّا إسماع الغير.
والعجز على جهرة بها في ما لا يجهر فيه بالقراءة من غير تقييد في الموضعين بالأُوليين كما لا يخفى على ذي عين ولبٍّ بريء من الرين.
على أنّا لو تنزّلنا وسلمنا لكم الخصوص وقطعنا النظر عن ظاهر اللفظ المقتضي للعموم ، فهو لا يدلّ على الإخفات بالبسملة ؛ لخلوّ هذا الخبر من الدلالة على حكم الأخيرتين بالخصوص ، وهو لا يتّجه إلّا مع التنصيص على أنّه قرأ فيهما ، وليس فليس ، بل الظاهر من أخبارهم والشاهد عليه سبر سيرتهم وآثارهم هو مواظبتهم على التسبيح ؛ لبعده عن مذهب العامّة القبيح ، فلا مانع من أن يكون عمله حينئذٍ التسبيح ، إلّا إنّ الراوي اقتطع الحديث ، كما هو غير عزيز على مَنْ جاس خلال الديار وتتبّع تلك الآثار.
ويدلّ عليه اشتمال هذا الخبر بطريق ( الكافي ) على زيادة لم تكن في ( التهذيبين ) ، وهو قوله : ( وكان يجهر في السورتين جميعاً ) (١) ، فلا مانع من إرادة هذا الاحتمال ، والله العالم بحقيقة الحال.
ثمّ قال حباه الله ذو الجلال بالجلال ـ : ( وذلك لأنّ قوله : ( فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة ) في مقابلة الصلاة التي جهر فيها بها ، وليس الجهر والإخفات إلّا في الأُوليين ، وأمّا الأخيرتان فلا جهر فيهما أصلاً ، فتبيّن أنّه عليهالسلام جهر بالبسملة في الأُوليين ؛ لمكان كون الجهر مظروفاً للقراءة ، ولأنّ الأخيرتين لا يتعيّن فيهما القراءة ، بل يجزي فيهما التسبيح ، بل هو الأفضل عند الأكثر ).
أقول وعلى الله قصد السبيل ونيل السؤل ـ : أمّا أنّ قوله : ( فإذا كان صلاة لا يجهر
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣١٥ / ٢٠.