فيها بالقراءة ) ، في مقابلة الصلاة التي يجهر فيها بها ) فمسلّم ، لكنّه لنا لا له ، إذ نصّه يدلّ على أنّه إذا قرأ إخفاتاً جهر بالبسملة وأخفى ما سواها ، وهو شامل للأخيرتين.
وأمّا حصره الجهر والإخفات في الأُوليين وتعيين الإخفات في الأخيرتين ، فكلاهما لا يشفي العليل ولا يبلُّ الغليل :
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّ المتنازع فيه أنّما هو إخراج البسملة من جملة القراءة الإخفاتيّة ، ولا سبيل لكم على إنكاره ؛ لقولكم به في أُوليي الظهرين ، مع أنّهما إخفاتيّتان قطعاً ، فالفرق يحتاج إلى دليل ، وليس فليس لكم عليه من سبيل ، كما سيأتي بيانه عن قليل.
وأمّا ثانياً ؛ فلما صرّح به جملة من محقّقي المحدّثين من إخراج البسملة من مواضع الإخفات كصدر الأماجد الشيخ محمد بن ماجد (١) ، والمحقّق الأفخر الشيخ جعفر النجفي (٢) ، والعلّامة المبرور شيخنا الشيخ حسين آل عصفور (٣).
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّه إنْ أراد من حصره الجهر والإخفات في الأُوليين فلا يقول به هو ولا ذو عين ، لأنّهما حقيقتان متضادّتان لا يجتمعان ، كما أنّهما لا يرتفعان. وإنْ أراد اجتماعهما في جهة البدليّة دون الجمعيّة فلا يصحّ إلّا على المشهور بين الإماميّة.
وأمّا القائلون باستحباب تينك الصفتين والتخيير بين الحقيقتين ، فهم يفرّقون بين الأُوليين والأخيرتين ، كما هو مصرّح به من غير مَيْنٍ (٤) ولا تطرّق ريب ولا رين.
وأمّا رابعاً ؛ فلأنّ نصّه الجهر في الأخيرتين بالأصالة :
إمّا أنْ يريد أنّه كذلك عند الكلّ كما يظهر من تلويحاته غير مرّة ، إلّا إنّه لا يخفى ما فيه ، إذ قدماء الإماميّة فيهما على ثلاثة أقوال : وجوب الإخفات مطلقاً ، وجواز الجهر مطلقاً ، والتفصيل بين القراءة والتسبيح ، فلا يجوز في الأوّل ويجوز في الثاني.
وقول الشيخ عبد علي بوجوب الجهر بالتسبيح على الإمام والإخفات على المأموم والتخيير للمنفرد ، وما نقله بعض الفضلاء عن ظاهر بعض مشايخه من وجوب الجهر في الأخيرتين مطلقاً ، وقول الشيخ يوسف (٥) بأفضليّة الجهر وأحوطيّة
__________________
(١) الروضة الصفوية في فقه الصلاة اليوميّة ( مخطوط ) : ٢١٣.
(٢) كشف الغطاء : ٢٣٨.
(٣) سداد العباد : ١٧١.
(٤) المَيْنُ : الكذب. لسان العرب ١٣ : ٢٣٦ مين.
(٥) الحدائق ١١ : ١٧٥.