إذ الفرض أنّه أوقع قبلها ركعات مردّدة بين الثلاث والأربع ، وأدلّة البناء على الأكثر تقضي بوجوب البناء على أنّ الذي وقع منه أربع.
وحينئذٍ ، فتكون الركعة التي بيده خامسة ، والفرض أنّه ركع فيها ، فيلزم زيادة الركوع ، وإنْ أتمّها على أنّها رابعة بأصالة عدم الخامسة كان حكماً بالنقص في الأخيرتين وإتماماً لها بأصالة العدم ، وهو خلاف ما دلّ على وجوب البناء على الأكثر في الأخيرتين وحصر العلاج فيه ، فإنّ مقتضاه أنّه لا علاج لتصحيح الشكّ في الأخيرتين إلّا ذلك.
ولازمه أنّ ما لا يوجد فيه هذا العلاج يحكم فيه بالبطلان ، فيختصّ البناء على الأكثر بما إذا تحقّق منه ركعات تامّة مردّدة بين الأقلّ والأكثر منهما ، وعلاجه البناء على وقوع الأكثر وعدم العمل بأصل العدم ؛ لعدم رضا الشارع بإحراز الأخيرتين به ، فإحرازها به إحراز بغير ما أمر الشارع به ؛ لأنّ المستفاد من أمر الشارع بالبناء على الأكثر في الأخيرتين مع أنّه خلاف مقتضى الاستصحاب وأصل العدم عدم رضاه بالزيادة المحتملة ؛ لأنّه لا تدارك لها ، بخلاف النقيصة فإنّ لها تداركاً.
ولذا أمر الشارع بعلاجها بالإتيان بعد الصلاة بما يحتمل نقصه ، وقال عليهالسلام : « ألّا أُعلِّمك شيئاً إذا فعلته لم يضرَّك أنْ تكون نقصت أو أتممت؟ » (١) وبيّن ذلك بالبناء على وقوع ما يحتمل عدم وقوعه من الأخيرتين والإتيان بما يحصل تداركه بعد الصلاة. فدلّ ذلك على عدم رضا الشارع بالإتيان بما يحتمل فيه الزيادة ، وأنّه قد أمر بالبناء على وقوع كلّ شيء يحتمل وقوعه ممّا يتعلّق بالأخيرتين ، ولم يجوِّز نفيه بأصل العدم.
فإذا شكّ قبل السجدتين وبعد الركوع بين الأربع والخمس فليبنِ على أنّ ما وقع قبل الركعة التي لم يتمّها أربع ؛ لأنّه قد ردّده بين الثلاث والأربع ، وقد أمر الشارع بالبناء على ما يحتمل وقوعه من الأخيرتين ، ومقتضاه البناء على أنّه أربع ، فيحكم بالبطلان لزيادة الركوع. ولا يصحّ البناء على الصحّة بأصالة عدم الخامسة وإتمام
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٣٤٩ / ١٤٤٨ ، الوسائل ٨ : ٢١٣ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٨ ، ح ٣.