قوله عليهالسلام : « لا شكّ في الأُوليين ، إنّما الشكّ في الأخيرتين » (١) ، فقوله : « إذا شككت فابنِ على الأكثر » (٢) .. إلى آخره تفصيل لقوله : « إنّما الشكّ في الأخيرتين » ، أي : الشكّ المعهود الذي ذكر أنّه لا يبطل الصلاة وهو الشكّ في الأخيرتين حكمه البناء على الأكثر. وليس المراد بالأكثر العموم الشامل لكلّ ما دار الأمر فيه بين الأقلّ والأكثر ، ليحصل التنافي بينه وبين ما دلّ على عدم الاعتناء باحتمال الزيادة فيما لو أدّى البناء على الأكثر للبطلان ؛ لحكم الشارع بعدم البناء على الأكثر في أكثر الموارد ، فلو حمل الأكثر على عمومه لزم التخصيص بالأكثر.
الرابع : التفصيل بين ما إذا أدّى البناء على نفي الزائد والبناء على الأكثر في الأخيرتين إلى التعريض لاحتمال الزيادة والنقص ، وبين ما إذا لم يؤدِّ إلى ذلك ، فيحكم بالبطلان في الأوّل ؛ لدوران الأمر بين مبطلين ، وبالصحّة في الثاني للوجه المذكور في الوجه الثالث ، كالشكّ بين الثلاث والأربع والخمس بعد السجدتين ، فإنّ نفي الخمس والبناء على الأكثر لا يعرّض للزيادة والنقص ، وهو ظاهر. وقد اختار هذا القول الشهيد الأوّل (٣) والمحقّق الثاني (٤).
ومثال ما إذا أدَّى البناء على الأكثر ونفي الزائد بالأصل للتعريض المذكور ، الشكُّ بين الأربع والخمس بعد الركوع ، فإنّه لا يصحّ نفي الخامسة بأصل العدم والبناء على الأكثر من الأخيرتين ؛ لأنّ مستند البناء على الأكثر قوله عليهالسلام : « إذا شككت فابنِ على الأكثر » ، يعني : إذا لم تدرِ أنّ الذي وقع من الأخيرتين الأقلّ أو الأكثر فابنِ على الأكثر ؛ لأنّ مقتضاه البناء على تحقّق الرابعة قبل هذه التي لم يتمّها ، ويحتمل أنّها خامسة ؛
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥٠ / ٤ ، الوسائل ٨ : ١٩٠ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١ ، ح ١٠ ، وفيها : « الإعادة في الركعتين الأُوليين والسهو في الركعتين الأخيرتين ».
(٢) انظر : الفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩٢ ، الوسائل ٨ : ٢١٢ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٨ ، ح ١ ، وفيها : « متى ما شككت فخذ بالأكثر ». التهذيب ٢ : ٣٤٩ / ١٤٤٨ ، الوسائل ٨ : ١٣ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٨ ، ح ٣ ، وفيهما : « إذا سهوت فابن على الأكثر ».
(٣) البيان : ٢٥٤.
(٤) الرسالة الجعفرية ( ضمن رسائل المحقق الكركي ) ١ : ١١٨.