وقد يناقش بأنّه أصل عدميّ فلا يحرز الهيئة المعتبرة في الصلاة.
وفيه : أنّ الهيئة أيضاً أمر عدميّ ؛ لأنّها عبارة عن اعتبار ركعات الصلاة بشرط عدم الزيادة عليها ، مع أنّ الشكّ في عروض الهيئة للأقل مسبَّبٌ عن الشكّ في تحقّق الزائد ؛ لأنّه هو الذي يوجب عدم عروض الهيئة للأقلّ ، فإذا نُفيَ بأصل العدم اقتضى عروض الهيئة له ، وقد قرّرنا تعيُّن العمل على الأصل في الشكّ السببيّ عند دوران الأمر بينه وبين الأصل في الشكّ المسببيّ ؛ لأنّه مزيلٌ له وحاكم عليه.
الثاني : البطلان مطلقاً ؛ لحصر الشارع الصحيح في الشكّ في الأخيرتين كالصور الأربع.
الثالث : نفي الزائد على ما اعتبر في الصلاة من الركعات بالأصل والعمل فيما عداه ، أي : الشكّ الراجع إلى الأخيرتين بالأحكام المنصوصة ، فإذا شكّ بين الاثنتين والثلاث والأربع والخمس نُفي احتمال الخمس بالأصل ، وعمل بالنسبة إلى الاحتمالات الأُخر عملها ، وكذا في الشكّ بين الثلاث والأربع والخمس .. وهكذا.
ووجهه الجمع بين العمل بما دلّ على عدم بطلان الصلاة بمجرّد احتمال الزيادة وأنّ احتمالها لا أثر له ، كقوله عليهالسلام : « إذا استيقن أنّه زاد في الصلاة المكتوبة لم يعتدَّ بها ، واستقبل صلاته استقبالاً » (١) ، فإنّ مفهومه أنّه إذا لم يستيقن اعتدّ بها ولم يستقبلها ، وكالرواية السابقة الدالّة على صحّة الصلاة المحتمل كونها خمساً أو ستّاً (٢) ، وبين العمل بما دلّ على حكم الشكوك الراجعة إلى الأخيرتين من البناء على الأكثر فيها (٣) ، والإتيان بعد الصلاة بما يحتمل نقصه احتياطاً ؛ إذ لا تنافيَ بين الأمرين فيعمل بكلٍّ منهما.
وما دلّ على وجوب البناء على الأكثر ليس المراد به العموم الشامل للزائد على عدد ركعات الصلاة ، بل المراد به الأكثر المعهود ، وهو الأكثر في الأخيرتين بقرينة
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥٤ / ٢ ، التهذيب ٢ : ١٩٤ / ٧٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ / ١٤٢٨ وفيه : « إن » بدل « إذا » ، الوسائل ٨ : ٢٣١ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١٩ ، ح ١ ،.
(٢) انظر : ص ٢٣٧ هامش ٣.
(٣) سيأتي في ص ٢٣٩ هامش ٢.