كلامه ، زِيد في إكرامه ، على أنَّ موضع الاستدلال ليس هو الصدر فقط ، بل هو مع قوله : ( فإن كان صلاة ) .. إلى آخره. ولا يخفى ما فيه من العموم على مَنْ كان من ذوي الحلوم.
وأمّا قوله : ( ويستفاد الإخفات في الأخيرتين بالكلّيّة ).
ففيه : أنّه وإنْ احْتُمِلَ إلّا إنّه لا يجري في البسملة ؛ لتضمّن الخبر استثناءهما من جملة القراءة :
أمّا أولاً ؛ فلأنّ قوله : ( فإنْ كان صلاة ) .. إلى آخره ، لا يتعيّن منه إرادة الصلاة المستقلّة ، بل يجوز أنْ يراد بها الأخيرة أو الأخيرتان من باب تسمية الجزء باسم الكلّ مجازاً ، وحينئذٍ فيخرج التسبيح والأذكار أيضاً ؛ لتخصيصه عدم الجهر بالقراءة فقط ، فيكون المراد بقوله : ( وأخفى ما سوى ذلك ) ما سوى البسملة من أجزاء القراءة.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّا لو تنزّلنا ومنعنا احتمال إرادة الاخريات من قوله : ( فإذا كان صلاة ) ، لكان المراد أتمّ وأكمل والدلالة أعمّ وأشمل ؛ لدلالة السياق على أنّ الإمام عليهالسلام إذا كان في الصلاة الإخفاتيّة التي لا يجهر فيها بالقراءة خاصّة دون التسبيح وسائر الأذكار جهر عليهالسلام بالبسملة وأخفى القراءة خاصّة ، وإلّا لتنافى الصدر والعجز.
فإنْ قيل : لو كان المشار إليه القراءة خاصة لم يشر إليها بـ ( ذلك ) الموضوع للبعيد ، بل يكتفي بإعادة ضمير المفرد المؤنّث إليها.
قلنا : هذا غير وارد قطعاً ، ولا مجدٍ نفعاً :
أمّا أوّلاً ؛ فلابتناء ذلك على الغلبة دون الاطّراد ، ولهذا جاء في غير موضع من القرآن ، كقوله تعالى ( الم. ذلِكَ الْكِتابُ ) (١) ، وقوله تعالى ( كَذلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنّاسِ أَمْثالَهُمْ ) (٢) ، مشيراً به إلى ضرب المثل ، وكما يقال : بالله الطالب الغالب وذلك قسم عظيم لأفعلنّ.
ولهذا صرّح علماء المعاني بأنّ المعنى الحاضر إذا تقدّم ذكره يشار إليه بلفظ
__________________
(١) البقرة : ١ ٢.
(٢) محمّد : ٣.