كلّ يومٍ وكلّ أرضٍ لكربي |
|
منهم كربلا وعاشوراء |
هذا .. وقد اشتمل لفظ الحديث المذكور على إشكال ظاهر لا مدفع له بحسب الفهم القاصر والفكر الفاتر ، وهو أنّ إطلاق العاشوراء على التاسع والعاشر وإرادتهما منه معاً لهما من باب الإطلاق الحقيقي فيهما معاً ، أو الحقيقي في أحدهما والمجاز في الآخر.
وأيّا ما فالإشكال ظاهر للزوم استعمال المشترك في أكثر من معنىً على الأوّل ، واستعمال اللفظ في معنَيَيْه : الحقيقي والمجازي على الثاني.
اللهمّ إلّا أن يتكلّف فيه بالتأويل وإخراجه عن هذا السبيل ، أو يلتزم بأحد الوجهين ، ويكون هذا الحديث دليلاً للمجوّزين في المسألتين ؛ لانتفاء الائتلاف فيهما والاجتماع ، وانتشار سبب الاختلاف والنزاع ، والله العالم.
وأمّا ما في حديث مناجاة موسى على نبيّنا وآله وعليهالسلام من تفسير العاشوراء بالبكاء والتباكي على سبط محمَّد صلىاللهعليهوآله والمرثيّة والعزاء على مصيبة ولد المصطفى ، فلا ينافي ما قدّمناه من أنّ المراد به نفس اليوم العاشر ؛ لأنّ تفسيره في حديث المناجاة من باب المجاز لا الحقيقة ، تسمية للحالّ باسم المحلّ ؛ لأنّ الحالّ والمحلّ قد يسمّى أحدهما باسم الآخر ، كما في إطلاق الرحمة على الجنّة في قوله تعالى ( وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ ) (١) ، وإطلاق القرية على أهلها في قوله سبحانه ( وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ ) (٢) في أحد الوجهين ، وكتسمية المجلس بحُضَّارِهِ ، وبالعكس ، وهو باب واسع المجال مطّرد في جميع المحالّ.
وفي آخر الحديث ما يدلّ على ما قلناه ، ويؤيّد ما ذكرناه ، حيث قال تعالى شأنه : « وعزّتي وجلالي ، ما مِن رجل أو امرأة سال دمع عينَيْهِ في يومِ عاشوراء أو غيره ، قطرة واحدة إلّا
__________________
(١) آل عمران : ١٠٧.
(٢) يوسف : ٨٢.