على صوم الاثنين الذي قد تمتنع مانعيّته بالتزام التحريم كما ذهب إليه ابن الجُنيد (١) وبعض مشايخنا المتأخّرين (٢) ، وإن كان الاستحباب هو الذي عليه جلّ الأصحاب.
ومن هذا القسم ما أرسله المحقّق الشيخ علي في حاشية الإرشاد عن الصادق عليهالسلام ، حيث قال بعد قول الماتن : ( وعاشوراء حزناً ) (٣) ـ : ( الأفضلُ فيه الإمساك مع النيّة إلى العصر ، ثمّ يفطر بعد ذلك ، كما بيّنه في ( التذكرة ) (٤) وغيرها (٥) لقول الصادق عليهالسلام : « صومُهُ مكروهٌ » ).
أقول : هذا اللفظ للصادق عليهالسلام وإن لم أقف عليه في شيءٍ من الأخبار ولا على مَنْ نقله من نقلةِ الآثار ، إلّا أنّ نقله إيّاه على جهة البتِّ والجزم ، فلا يقصر عن سائر المراسيل لما هو عليه من الوثاقة والمقام الجليل.
ولعلّه أراد نقل تلك الأخبار بمعناها بعد جعل الكراهة هو مؤدّاها.
فهذا جملةُ ما وقفتُ عليه من أخبار الباب الواردة عن الأئمّة الأطياب مضافاً إلى ما سيأتي من صحيحتي عبد الله بن سنان ومعاوية بن وهب ، المرويّة أُولاهما في ( المصباح ) و ( الإقبال ) ، وثانيتهما في ( المنتخب ) وهي كما ترى مختلفة الدلالة غير متطابقة المقالة ، ولاختلافها اختلفت كلمة الأصحاب.
فالمشهور بينهم استحباب صومه حزناً على ذلك المصاب لا شماتةً وشكراً ، كما هو سنّة أُولئك النُّصّاب ، ونفى عنه في ( الجواهر ) (٦) الخلاف ، وظاهر عبارة السيّد ابن زهرة في ( الغنية ) (٧) حصول الإجماع.
إلّا أنّهما ممنوعان غايةَ المنعِ ؛ لشيوع الخلاف والنزاع.
واحتجّوا على ذلك بالجمع بين الأخبار الآمرة بصيامه ، وبين الأخبار الأُخرى الناهية عن الحَوْم حولَ خيامه ، بحمل الاولى على الصوم للحزن والفضيلة ، والثانية
__________________
(١) عنه في المختلف ٣ : ٥٠٥.
(٢) المختلف ٣ : ٥٠٦.
(٣) إرشاد الأذهان ١ : ٣٠١.
(٤) التذكرة ٦ : ١٩٢.
(٥) قواعد الأحكام ١ : ٣٨٤.
(٦) جواهر الكلام ١٧ : ١٠٥.
(٧) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥١١.