على جعل صومه للشماتة والشكر وسيلة اقتداءً بفعل تلك الثلّة الرذيلة.
وهذا الجمع للشيخ المفيد (١) ، وتبعه عليه تلميذه شيخ الطائفة في كتابي الأخبار وعوَّل عليه أيضاً في نهايته (٢).
قال في ( التهذيب ) و ( الاستبصار ) بعد إيراده لتلك الأخبار : ( فالوجه في الجمع بين هذه الأخبار ما كان يقوله شيخنا رحمهالله ، وهو أنّ مَنْ صام يوم عاشوراء على طريق الحزن بمصايب آلِ محمَّد صلىاللهعليهوآله والجزع لما حلَّ بعترتِه فقد أصاب ، ومن صامه على ما يعتقد فيه مخالفونا من الفضل في صومه والتبرّك والاعتقاد لبركته وسعادته فقد أثِمَ وأخطأ ) (٣) انتهى.
ثمّ وافقهما أكثر المتأخّرين عنهما (٤).
وجزم جمع من المتأخّرين بالتحريم والنهي عن صومه مطلقاً (٥) ، والتأثيم ؛ حملاً للأخبار الآمرة على التقيّة ، إذ هي أقوى الأسباب الناشئة عنها تلك البليّة ، وللأخبار الناهية على ما هو ظاهر أكثرها من تحريم صومه مطلقاً ، لأنّه شعارُ بني أُميّة.
وجنح الباقون للكراهة (٦) ؛ حملاً للنهي عليها ، لعدم نهوض أخباره بالتحريم فيها ، خصوصاً مع ظهور بعضها فيها ، حيث اشتملت على جمعه مع صوم الاثنين وعرفة ، الذي قيل : إنّه لا قائل فيه بالتحريم من معتبري الفرقة المحقّة المشرّفة.
وأقول مستمدّاً من سيبِ الكريمِ المنّان ـ : لا يخفى على من سرّح بريد نظره الثاقب بتدبّرٍ وإمعانٍ أنّ ما جنح إليه المشهور منهدمُ الأركان مُتداعي البنيان.
وأمّا ما استُدِلَّ به لهم من نفي الخلاف ومنقول الإجماع والأخبار ، فهو من الضعف بمكان
__________________
(١) المقنعة ( سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١٤ : ٣٦٦ ٣٦٧.
(٢) النهاية ( الطوسي ) : ١٦٩.
(٣) التهذيب ٤ : ٣٠٢ ، الاستبصار ٢ : ١٣٥.
(٤) مدارك الأحكام ٦ : ٢٦٧.
(٥) جامع المقاصد ٣ : ٨٦ ، مسالك الأفهام ٢ : ٧٨ ، الحدائق الناضرة ١٣ : ٣٧٦.
(٦) مجمع الفائدة والبرهان ٥ : ١٨٩ ، كشف الغطاء : ٣٢٤ ، جواهر الكلام ١٧ : ١٠٨.