أمّا الأوّلان ؛ فلما لا يخفى على من رقى ذُرى العِرفان من شُيوع الخلاف في سائر الأزمان على وجه ينتفي فيه مناط الحجّيّة الذي هو الكشف عن قول المعصوم سيّد البريّة.
وأمّا الأخبار ، فالجواب عنها :
إمّا إجمالاً ؛ فلمعارضتها بما هو أقوى عمداً ، وأكثرُ عدداً ، وأصحُّ سنداً ، وأبعدُ عن مذاهب أهلِ الخلاف أمداً ، وقد تكثّرت الأخبار عن الأئمّة الأطهار في بيان ميزان الترجيح والمعيار باطّراح ما وافق أُولئك الأشرار ، معلّلاً في كثير منها ب
أنّ الرشد في خلاف أُولئك الفجّار (١)
وحيث قد وافقت هذه الأخبار مذهبهم سقطت عن درجة الاعتبار.
وإمّا تفصيلاً ، فأمّا خبر أبي همّام (٢) ؛ فلأنّ قُصارى ما فيه إخبار أبي الحسن عليهالسلام عن صيام رسول الله صلىاللهعليهوآله إيّاه في الجملة ، فهو قضيّة مهملة وواقعة غير مفصّلة ، فلعلّ صومه إيّاه كان قبل نسخه بنزول شهر رمضان لا مستمرّاً في جميع الأزمان.
وقد سمعتَ دلالة صحيح زرارة ، ومحمد بن مسلم (٣) ، وخبر [ نجبة (٤) ] بن الحارث (٥) على ترك صومه بعد ذلك ، وبدعيّته هنالك.
فتجتمع هذه الأدلّة وتزول تلك العلّة ، لتضمّن خبر أبي همّام مشروعيّته سابقاً ، ولتضمّن هذين الخبرين ترك صومه لاحقاً ، لما ورد من أنّ « أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله يجري فيه النسخ كالقرآن » ، كما في خبر سليم بن قيس الهلالي المرويّ في ( الكافي ) ، و ( الخصال ) ، و ( الاحتجاج ) ، و ( غيبة النعماني ) المشتمل على سبب اختلاف
__________________
(١) الكافي ١ : ٨ / خطبة الكتاب ، الوسائل ٢٧ : ١١٢ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٩ ، ح ١٩.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٩٩ / ٩٠٦ ، الإستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٣٨ ، الوسائل ١٠ : ٤٥٧ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٢٠ ، ح ١.
(٣) الفقيه ٢ : ٥١ / ٢٢٤ ، الوسائل ١٠ : ٤٥٩ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٢١ ، ح ١.
(٤) في المخطوط : ( نخبة ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٥) الكافي ٤ : ١٤٦ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ / ٩١٠ ، الإستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٤١ ، الوسائل ١٠ : ٤٦١ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٢١ ، ح ٥ وقد ورد في الثلاثة الأخيرة : نجية.