الأحاديث النبويّة وعدَّ منها النسخ ، حيث قال فيه : « ورجل سمع من رسول الله صلىاللهعليهوآله شيئاً أمر به ثمّ نهى عنه وهو لا يعلم ، أو سمعه ينهى عن شيء ثمّ أمر به وهو لا يعلم ، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ». إلى أن قال عليهالسلام : « فإنّ أمرَ النبي صلىاللهعليهوآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ » (١).
ومثله ما رواه في الكافي عن محمّد بن مسلم ، عن الصادق عليهالسلام ، حيث قال في آخره : « إنّ الحديث يُنسَخ كما يُنسخ القرآن » (٢).
وحينئذٍ ، فلا دلالة لهذا الخبر على الاستمرار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
أو نقول : إنّ صوم النبيّ صلىاللهعليهوآله إيّاه لم يكن بعنوان صوم عاشوراء ، بل لموافقته بعض الأيّام المأمور بصومها كيوم النوروز (٣) مثلاً ، أو موافقته عدداً من الأيّام منذوراً.
وأمّا خبر الزهري (٤) ؛ فلاشتماله على ما لا يخفى حالهم من مشايخ العامّة وغيرهم من سائر الأشقياء لا ينبغي الاعتماد عليه والركون إليه ، إلّا فيما اتّفقت فيه الأخبار ولم يكن لدليله معارض من الآثار ، ولعلّ هذا هو السرّ في عدم الاستدلال به في هذا المضمار ، إذ لم أقف على من استدلّ به على هذا الحكم من علمائنا الأخيار مع استدلالهم ببعضه في غيره ، فلعلّه لأظهريّته ولو في خصوص هذا الحكم في موافقته أُولئك الأشرار دون سائر تلك الأخبار.
ألا ترى أنّ الصدوق رحمهالله بعد روايته له في باب وجوه الصيام (٥) أورد في باب صوم التطوّع صحيح زرارة ومحمّد بن مسلم (٦) ، الدالّ على نسخه. وظاهره التنبيه بذلك على عدم العمل به فيما هنالك ، فتأمّل فيه ، والله العالم.
وأمّا خبر كثير النوّاء (٧) ففيه من الوهن ما لا يخفى :
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٢ / ١ ، الخصال : ٢٥٦ / ١٣١ ، الاحتجاج ١ : ٦٣٠ ، ولم يذكر فيه ذيل الحديث. الغيبة ( النعماني ) : ٧٩ / ١٠.
(٢) الكافي ١ : ٦٤ / ٢.
(٣) مصباح المتهجّد : ٧٩٠ ، الوسائل ١٠ : ٤٦٨ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٢٤ ، ح ١.
(٤) الفقيه ٢ : ٤٨ / ٢٠٨ ، الوسائل ١٠ : ٤١١ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٥ ، ح ١.
(٥) الفقيه ٢ : ٤٨ / ٢٠٨ ، الوسائل ١٠ : ٤١١ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٥ ، ح ١.
(٦) الفقيه ٢ : ٥١ / ٢٢٤ ، الوسائل ١٠ : ٤٥٩ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٢١ ، ح ١.
(٧) التهذيب ٤ : ٣٠٠ / ٩٠٨ ، الوسائل ١٠ : ٤٥٨ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٢٠ ، ح ٥.