تلك النيّة.
إلّا إنّ الظاهر من سياق الخبر الشريف والأثر الطريف ومقتضى ما تضمّنه من الزجر الشديد والوعيد الأكيد هو إرادة المبالغة في الفرار عن صومه من بعيد ، وتعليل ذلك بأنّ صومه لمّا كان من سُنَن آل زياد وأتباعهم أهلِ العناد من المخالفين والنصّاب ، ولم تجرِ به سنّة ولا كتاب وكان أصل مشروعيّته عندهم لتلك العلّة العليلة والغاية الملعونة الرذيلة ، كان على شيعتهم أن لا يتلبّسوا بما يصدق عليه اسم ذلك الشعار والكيفيّة ، ولو بالموافقة الصوريّة ، ولم يكتفوا بمخالفة النيّة.
فكان كلّ صوم يقع في ذلك اليوم لتلك الخصوصيّة العاشوريّة يتوهّم منه ذلك الفرد الذي ابتدأ به صيامه ولو اختلفت الطويّة ، مبالغةً في المخالفة ، وبعداً عن صورة المؤالفة ، والله العالم بحقائق مراد خلفائه الأعلام ، فتأمّل في هذا المقام فإنّه حريّ بالتأمّل التامّ.
وأمّا ثالثاً ؛ فلإشعار بعض الآثار بوضع ما دلّ من الأخبار على فضيلة ذلك اليوم المقتضية لاستحباب ذلك الصوم ، وهو ما رواه الصدوق رحمهالله في مجالسه مسنداً عن جَبَلَة المكيّة قالت : سمعت ميثم التمّار يقول : ( والله لتقتلنّ هذه الأُمّة ابن بنت نبيّها في المحرّم لعشر مضين منه ، وليتخذّن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة ، وإنّ ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره ، أعلمُ ذلك لعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنين عليهالسلام ، ولقد أخبرني أنّه يبكي عليه كلُّ شيء حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء ، ويبكي عليه الشمس والقمر ، والنجوم والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجنِّ ، وجميع ملائكة السماوات ورضوان ومالك وحملة العرش ، وتمطر السماء دماً ورماداً.
ثمّ قال : وَجَبَت لعنةُ الله على قتلة الحسين عليهالسلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلهاً آخراً ، وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.
قالت جَبَلَة : فقلت له : يا ميثم وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه