وما قيل : إنّ مَن اكتحل يومه لم يرمد ذلك العام ، ومن اغتسل لم يمرض كذلك ، ومن وسّع على عياله فيه وسّع الله عليه سائر سنته ، وأمثال ذلك مثل فضل الصلاة فيه ، وأنّه كان فيه توبة آدم ، واستواء السفينة على الجودي ، وإنجاء إبراهيم عليهالسلام من النار ، وفداء الذبيح بالكبش ، وردّ يوسف على يعقوب ، فكلّ ذلك موضوع ، إلّا حديث التوسعة على العيال ، لكن في سنده من تكلّم فيه .. ) (١) إلى آخر ما قاله ، ضاعف الله عليه نكاله.
وفيه شفاء صدور المؤمنين في الردّ على أُولئك المتعصّبين ، حيث يجعلونه لفرحهم موسماً وإن أخطأ طريق الردّ على الشيعة لاتّخاذهم إيّاه مأتماً (٢).
............................... |
|
وكلُّ إناءٍ بالذي فيه ينضحُ |
وأمّا رابعاً ؛ فلأنّا لو سلّمنا استقامة الجمع المذكور ، فهي إنّما تتمّ بالنسبة إلى ما سوى صحيح زرارة ومحمد بن مسلم (٣) ، وخبر [ نجبة (٤) ] ، الدالّين على نسخ الصوم المزبور ، أمّا بالنسبة إليهما فلا وجه له بالأصالة ، بل الوجه بطلانه بلا محالة ، على أنّك إذا تتبّعت كلمات أهل الأُصول في بحث النسخ وجدتها منطبقة على العمل بمضمون هذين الخبرين بصريح المقالة ؛ لأنّهم ينسبون إلى المشهور بين المحقّقين جواز نسخ الأخفّ بالأثقل ، ويمثّلون له بنسخ صوم عاشوراء بصوم شهر رمضان.
وإليه يميل كلام السيّد السند في ( المدارك ) (٥) وبعض المتأخّرين (٦) الأعيان.
فيلزم حينئذٍ ؛ إمّا القول بحرمته ، وإمّا الحكم بعدم النسخ لمشروعيّته.
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ١٨٣ ١٨٤.
(٢) حيث قال فيه : ( فصار هؤلاء لجهلهم يتّخذونه موسماً ، وأُولئك لرفضهم يتّخذونه مأتماً ، وكلاهما مخطئ ) الصواعق المحرقة : ١٨٤.
(٣) الفقيه ٢ : ٥١ / ٢٢٤ ، الوسائل ١٠ : ٤٥٩ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٢١ ، ح ١.
(٤) في المخطوط : ( نخبة ) ، وما أثبتناه من المصدر. الكافي ٤ : ١٤٦ / ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ / ٩١٠ ، الإستبصار ٢ : ١٣٤ / ٤٤١ ، الوسائل ١٠ : ٤٦١ ، أبواب الصوم المندوب ، ب ٢١ ، ح ٥ ، وقد ورد في الثلاثة الأخيرة : ( نجية ).
(٥) مدارك الأحكام ٦ : ٢٦٩.
(٦) جامع المقاصد ٣ : ٨٦ ، الحدائق الناضرة ١٣ : ٣٧٦.