الحرم ، فتصلح حجّة للشيخ والحلّي كما تقدّم ، فإنّها مخصّصة بما لو كان الموت بعد الإحرام ودخول الحرم ، ولا تصلح لمعارضة [ صحيحة ] بُرَيْدِ المتقدِّمة ؛ لصحَّتها وخصوصها وأحوطيَّتها وأشهريَّتها.
وكيف كان ، فالمسؤول عنه قد سقط عنه حجّ الإسلام إن كان مستطيعاً ، وبرئت ذمّته وذمّة المنوب عنه إن كان نائباً ؛ لإتيانه بأفعال العمرة التي هي جزء من الحجّ.
نعم يبقى الكلام في استحقاق النائب لجميع الأُجرة أو يستعاد منها بنسبة ما بقي من العمل المستأجر عليه ، فالذي صرّح به العلّامة (١) ونقل عليه شهيد ( المسالك ) (٢) اتّفاق الأصحاب هو الأوّل ؛ لورود النصّ (٣) بإجزاء الحجّ عن المنوب وبراءة ذمّة الأجير ، فكان كما لو أكمل الحجّ. ومال بعضُ المتأخّرين (٤) إلى الثاني ؛ لأنّ هذا إنّما يتمُّ لو وقع الاستئجار على فعل ما يُبرئ الذمّة فقط.
أمّا مع وقوعه على الأفعال المعهودة فلا ؛ لعدم الإتيان بالأفعال المستأجر عليها ، لكن قال شهيد ( المسالك ) رحمهالله (٥) : إنّ هذا الحكم وإن كان على خلاف الأصل لكن لا مجال للطعن عليه بعد الاتّفاق عليه إلّا إنّه لا يخلو من تأمّل ، فطريق الاحتياط هي المصالحة على الباقي على الوجه الشرعيِّ والنمط المرعيِّ.
أمّا لو مات قبل الإحرام ودخول الحرم ، فإن وقع الاستئجار على فعل ما تَبرأ به الذمّة ، أو الإتيان بالأفعال المخصوصة ، لم يستحقّ شيئاً من الأُجرة ؛ لأنّ قطع الطريق إنّما هو من المقدّمات التي لا يمكن الفعل بدونها ، كما لو استؤجر على عمل في مكان بعيد فمات في الطريق فإنّه لا يستحق شيئاً ، وإن وقع الاستئجار على ما ذكر مع قطع المسافة استحقّ بنسبة ما قطع. ولو مات بعد الإحرام وقبل دخول الحرم ، فالأشهر الأظهر استحقاقه بحساب ما عمل.
وقيل : حكمه حكم من دخل الحرم في استحقاق الجميع (٦). وقد عرفت ما في
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٨٦٣.
(٢) المسالك ٢ : ١٦٩.
(٣) انظر : الوسائل ، أبواب النيابة في الحج ، ب ١٥.
(٤) مدارك الأحكام ٧ : ١٢٠ ، الحدائق ٤ : ٢٦٥.
(٥) المسالك ٢ : ١٦٩.
(٦) السرائر ١ : ٦٢٨ ، الخلاف ٢ : ٣٩٠.