فيشتركان في الدليل بلا إشكال.
الرابع : أنَّ المتصوّر مانعيّته من الفسخ أنّما هو تبعيض الصفقة ، وهي هنا على البائع وحده ، فمتى رضي بها سقط حقّه من هذا الجانب ؛ لأنّه محسنٌ و ( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) ولصدق التجارة عن تراض ، وشمول قوله عليهالسلام : « لا يحلُّ مال امرئ مسلم إلّا بطيبِ نفس له » (٢).
إلّا أنْ تثبت المانعيّة بالوجه المذكور سابقاً ، من مدخليّة الهيئة الاجتماعيّة في تحقّق ذات الفسخ لذات العقد ، فيتوقّف صدقُهُ على صدوره ممّن له في ذلك العقد مدخليّة.
وإنّما فرّقنا بين الإقالةِ والفسخ ، مع اشتراكهما في عدم ترتيب الآثارِ الشرعيّة ، لأنَّ الإقالةَ لا تعرّضَ فيها لذات العقد بالكلّيّة ، وأنّ الفسخ لا بدّ أن يلاحظ فيه نقض تلك الهيئة الاجتماعيّة.
وحيث إنَّ المسألة فاقدةُ التعرّض لها والنصّ عليها في الأخبار وكلمات علمائنا الأخيار ، فلا مناصَ عن الخروج من حيّز الإشكال إلّا بالاحتياط ، الذي يؤمن به من الاختباط ، ويُرجى منه سلوك سواء الصّراط. والله العالمُ العاصم من مزالق الأوهام ، ومزالّ الأفهام.
حرّرهُ الأقلُّ الجاني أحمد بن صالح البحراني ، على وجه المذاكرةِ والاستفادة ، لا الإفتاء والإفادة ، واتّفق الفراغ منه في ثامن ذي الحجّة الحرام ، يوم التروية تفأّلاً بالتروية إن شاء الله تعالى من الأوام (٣) ، من السنة ١٣١١ ، الحادية عشرة بعد الثلاثمائة والألف ، من هجرة سيّد الأنام صلّى اللهُ عليه وآلِهِ الأعلام.
__________________
(١) التوبة : ٩١.
(٢) الفقيه ٤ : ٦٧ / ١٩٥ ، الوسائل ٥ : ١٢٠ ، أبواب مكان المصلّي ، ب ٣ ، ح ١ ، والحديث فيهما عن النبي صلىاللهعليهوآله.
(٣) الأوام : العطش. لسان العرب ١ : ٢٧١ أوم.