وأمّا قولُهُ سلّمه الله تعالى ـ : ( وسواء كان الطلاق رجعيّاً أم بائناً؟ ).
فاعلم : أنّ في طلاق الحامل أكثر من مرّة واحدة خلافاً كثيراً بين علمائنا الأخيار ، لكثرة اختلاف الأخبار (١) وكثرةُ الاشتغال مانعةٌ من بسط الكلام في هذا المضمار فعلى القول بأنّه لا يصحّ طلاقُ الحامل أكثر من مرّة واحدة (٢) لا يتحقّق الطلاقُ البائن ؛ لارتفاع موضوعهِ لو أُريد إيقاعُهُ ابتداء في حال الحمل الكائن.
أمّا لو كانت عنده على تطليقة أو تطليقتين ثمّ طلّقها ، فبهذا الفرض صحّ فرض البائن والرجعي ، وجرى فيهما الوجهان السابقان ، من الصحّة والبطلان.
وإنّما يظهرُ أثرُ الوجهين في توقّف حلّها له على المحلّل وعدمه.
فعلى الصحّة يتوقّف حلّها له على المحلّل ؛ لعموم قوله تعالى ( فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) (٣).
وعلى البطلان تبقى عنده على تطليقةٍ أو تطليقتين ، فلا يتوقّف الحلّ على المحلّل ، وذلك ظاهرٌ بلا رين.
وأمّا على القول بصحّة طلاقها أكثر من مرّة مطلقاً (٤) ، أو بشرط مضيّ شهر ، كما في قولٍ (٥) ، أو بشرط مضيّ ثلاثة أشهر ، كما في آخر (٦) ، أو بشرط تخلّل الوطء بعد الرجعة ، لا مطلقاً ، كما في بعضٍ (٧) ، فيصحّ وقوعُ البائن والرجعي ، ويجري فيهما الوجهان السابقان ، بعين ما مرّ من الاستدلال ، والله العالم بحقائق الأحوال.
حرّره على مزيدِ استعجال ، وضيقِ مجال ، فقيرُ ربّه المنّان : أحمدُ بن صالح بن طعّان
__________________
(١) انظر : تهذيب الأحكام ٨ : ٧٠ ، ٧١ ، ٧٢ ، الإستبصار ٣ : ٢٩٨ ٣٠٠ ، الوسائل ٢٢ : ١٤٥ ، أبواب أقسام الطلاق وأحكامه ، ب ٢٠.
(٢) المقنع : ٣٤٦ ، قواعد الأحكام ٢ : ٦٤.
(٣) البقرة : ٢٣٠.
(٤) النهاية ( الطوسي ) : ٥١٧ ، المختصر : ٣١٠ ، الروضة البهيّة ٦ : ٤٠ ، مسالك الأفهام ٩ : ١٣٥.
(٥) مختلف الشيعة ٧ : ٣٥٧ ٣٥٨.
(٦) مختلف الشيعة ٧ : ٣٥٧ ، المقنع : ٣٤٥ ، الحدائق ٢٥ : ٢٨٧ ٢٨٨.
(٧) النهاية ( الطوسي ) : ٥١٧ ، السرائر ٢ : ٦٨٩.