يذهب مذهب الغلاة (١). مع أنّ القائل غيرُ معلوم ، وعلى العلم فمنشؤه ومستنده معلومٌ. ولمّا ظهر للنجاشي الذي هو أضبط علماء الرجال ضعفُ منشأ الضعف الذي ظهر لابني الوليد وبابويه ، لم يلتفتْ إليه ، بل حكم بكونه ثقةً عيناً ، وأكّد ضعفَ ذلك الاستنباط :
أوّلاً : بإنكار الأصحابِ له ، وإنكارِهم المِثْل له.
ثانياً : بحبّ الفضل بن شاذان له ، وثنائِهِ عليه ، وميلِهِ إليه ، وأنّه ليس في أقرانه مثله (٢).
ونقل رحمهالله عن أبي العباس بن نوح تصويب استثناء ابن الوليد مَنْ استثناه ، ممّن يروي عنه محمّد بن أحمد بن يحيى ، إلّا في محمّد بن عيسى بن عُبَيْد ، لأنّه كان على ظاهر العدالة والثقة (٣) ، بناءً على قراءة : ( رابَهُ ) بالباء الموحّدة بالماضي ، المسند إلى ابن الوليد ، من الرّيب.
وأمّا على قراءةِ ( رأيُهُ ) بالياء المثنّاة بالجملة الاسمية ، العائد ضميرها إلى ابن بابويه ، فيستفادُ منها عدم القطع بموافقة ابن بابويه لشيخه ابن الوليد ، في استثناء محمّد بن عيسى ، فيتمّ المطلوب.
وأمّا قدحُ نصر بن الصباح بأنّه أصغر في السن من أن يروي عن ابن محبوب (٤) ، فمبناه على أنّ الإجازةَ يُشترط فيها القراءةُ
على الشيخ ، أو قراءة الشيخ على التلميذ ، وفهمهُ لما يرويه ، وصغُر سنّه حينئذٍ مانعٌ من قبول روايته ، لعدمِ الاعتماد حينئذٍ على فهمِهِ ودرايته.
وفيه : أنّ أهل الدراية غيرُ متّفقين على المنع من الرواية إجازةً بهذا الطريق ، بل الأكثر على خلافه ، فبناؤه على مذهبه لا يستلزمُ المنعَ منه مطلقاً. ولذا استقرّ رأيُ المتأخّرين من أهل الدراية على جواز الإجازة لغير البالغ (٥) ، بل تعدّى بعضُهم
__________________
(١) الفهرست : ١٤٠ / ٦٠١.
(٢) رجال النجاشي : ٣٣٣ ٣٣٤ / ٨٩٦.
(٣) الخلاصة : ٢٧٢.
(٤) رجال الكَشِّي ٢ : ٨١٧ / ١٠٢١.
(٥) الرعاية في علم الدراية : ٢٧١ ، البحار ٢ : ١٦٦ / بيان ، مقباس الهداية ٣ : ١٢٧.