مطلق الجهر ، وهو يتأدّى ببعض أفراده ، وهو الجهر في الأولتين ، بل يتأدّى بالجهر في الصلاة الجهريّة ؛ لأنّه من علامات المؤمن وهو ضدّ المخالف ، والمخالفون قاطبة لا يجهرون بالبسملة في الصلاة الجهريّة والإخفاتيّة ، بل هم فيهما مختلفون ، فالأكثر يخافت بها ، ومنهم مَنْ يحذفها ، فبالجهر بها في الصلاة الجهريّة تتحقّق مخالفتهم ، وثبت كونها علامة للمؤمن يمتاز بها عن المخالف ).
أقول : لا يخفى على ذي بالٍ مَنْعُ ما قاله بلا إشكال :
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّه خلاف ما صرّح به أرباب الفقاهة والجلالة من إفادات العموم ، فضلاً عن الإطلاق ، فدعوى عكسه مفضٍ لنسبة أُولئك الأقطاب إلى الفهاهة (١) والجهالة.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ آية العموم صحّة الاستثناء ، وآية الإطلاق العدم ، ولا يخفى تحقّق آية الأُولى هنا على مَنْ له في المعرفة أدنى قدم.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّ مَنْ قصر النظر عن حاقِّ اللفظ وسياقه هجم به التوفيق على إفادة عمومه وإطلاقه ؛ لعدم تقييد تلك الصفة المترتّب عليها المدح العظيم الذي من أجلها قال تعالى ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ) (٢) بشرط ولا صفة.
وأمّا رابعاً ؛ فلإتيان هذا الخبر بلفظ الجهر الذي هو مفرد ومحلّى باللّام الجنسيّة ، فيفيد العموم قطعاً ، كما هو مختار الشيخ (٣) والأكثر (٤) ، وهو الحقّ الأظهر لصحّة وصفه بالجمع ، كالحكاية المشهورة عن البعض : ( أهلكَ الناسَ الدرهمُ البيضُ والدينارُ الصفرُ ) ، وصحّة الاستثناء المقتضي في قوله تعالى ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا .. ) (٥).
والجواب بعدم الاطّراد واضح الفساد ، كالاعتراض بأنّه لو كان للعموم لصحّ تأكيده بـ ( كلّ ) و ( أجمع ) ، ولصحّ وصفه بالجمع :
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّ اسم الجنس المعرّف بلامه أنّما يُراد به حقيقة ذلك الجنس ، وهو أمر واحد لا تعدّد فيه ولا كثرة ، وإنّما يدخل تحتها الحقائق الخارجيّة لكونها أفرادها ،
__________________
(١) فهَّ عن الشيء : نَسِيَهُ. لسان العرب ١٠ : ٣٤٣ فهه.
(٢) الصافّات : ٨٣.
(٣) عدّة الأُصول : ١١٢ ١١٥.
(٤) عنهم في معالم الأُصول : ١٤٦.
(٥) العصر : ٢ ٣.