فلحيثيّة أنّ المراد به الحقيقة الواحدة اعطي حكم المفردات ، فلم يطّرد وصفه بأجمع وتأكيده بالجمع ، ومن حيث دخول الحقائق الخارجيّة المتعدّدة أُعطي حكم الشمول في إفادة العموم ، كما أنّ المعرّف باللّام المشار بها إلى نفس الحقيقة المراد به واحد من أفرادها في المعنى كالنكرة ، فيوصف بالجعل كما في قوله : ( ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني .. ) (١) و ( كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً ) (٢) وإنْ جرى عليه في اللفظ أحكام المعارف ، فيقع مبتدأ وذا حال ووصفاً للمعرفة وموصوفاً بها.
وأمّا ثانياً ؛ فلوجود الوصف بالجمع ، وعدم وجدان التأكيد بـ ( أجمع ) لا يدلّ على عدم الوجود ، فقد مرّ أنّ اللغات تتبدّل بتبدّل القرون والأوقات ، كما صرّح به بعض الثقات.
وروى ابن جنّي : إنَّ الشعر علمُ قومٍ لم يكن علمٌ أصحّ منه ، فتشاغلت العرب عنه بعد ظهور الإسلام بالجهاد ، فلمّا اشتهر رجعت العرب إلى أوطانها وراجعوا الشعر وقد هلك أكثر العرب ، ولا كتاب هناك يرجع إليه ، فلم يُظْفر إلّا بالقليل ).
وروى أيضاً عن يونس بن حبيب وأبي عمرو بن العلاء : ( إنّ ما انتهى إلينا ممّا قالت العرب إلّا أقلّه ).
وبهذا اندفع ما يقال بأنّه لو وُجِدَ لنُقِلَ ، هذا مع أنّه وُجِدَ ونُقِلَ ، كما في دعاء كلّ يوم من شهر رمضان ، ودعاء كلّ ليلة من العشر الأواخر منه ، كما في كتاب ( الإقبال ) و ( زاد المعاد ) ، وهو قوله عليهالسلام
أيْ (٣) كاشِفَ الضرِّ والكَرْبِ العِظَامِ عَنْ أيُّوب (٤)
بفتح الكاف وسكون الراء ، كما في نسخ الصحيفة المضبوطة الصريحة في المراد ، كما لا يخفى على المنصف المرتاد ، على أنّ محقّق ( المعالم ) أنّه من القائلين بعدم إفادته العموم ، قال :
( إنّه لا مجال لإنكار إفادة [ المفرد (٥) ] المعرّف [ باللّام (٦) ] العمومَ في بعض الموارد حقيقة إلى أنْ قال ـ : ( إنّ الغرض من نفي دلالة المفرد المعرّف على العموم
__________________
(١) حاشية المطوّل : ٢٣٢. (٢) الجمعة : ٥.
(٣) في المصدر : يا ، بدل : أي. (٤) الإقبال ١ : ٣٦٤ ٣٦٥ ، زاد المعاد : ٢٠٤.
(٥) من المصدر. (٦) من المصدر.