كونه ليس على حدّ الصيغ الموضوعة لذلك ، لا عدم إفادته إيّاه مطلقاً ) (١). انتهى. وهو نصّ صريح في الباب ، كما لا يخفى على اولي الألباب.
[ ثالثاً : (٢) ] وأمّا الاحتجاج بأنّ ( أكلتُ الخبزَ ) و ( شربت الماءَ ) كلام صحيح وليس فيه دلالة على أكل وشرب جميع الأخباز والمياه ، ولو كان له لدلّ عليه.
ففيه : أنّا لا نسلّم أنّ ( اللّام ) هنا هي الجنسيّة ، بل الظاهر من حاقِّ اللفظ أنّها العهديّة الذهنيّة ، فإنّ المراد منه بعضٌ خارجي مطابق للماهيّة الكلّيّة في الذهن ، على حدّ قولك : ( ادخل السوق واشترِ اللحم ) ، وليس المراد إلّا واحداً من الأسواق واللّحوم المطابقة للماهيّة الكلّيّة ، وهو خارج عن محلّ النزاع بالكلّيّة ؛ لعدم عموم مثله بلا مِرية لذوي رويّة.
إذا تقرّر هذا ثبت المطلوب وحصل المراد وارتفع من البين الإيراد ؛ لدلالته حينئذٍ على أنّ كلّ فرد من أفراد الجهر بها سواء وقع في الأُوليات أو الاخريات أو الجهريّات أو الإخفاتيّات من علامات شيعتهم الثقات ، المترتّب على اقتفائها الوعد بالثواب وعلى مخالفتها العقاب ، حتى دعا النبيّ الجليل إبراهيم الخليل ربّه أنْ يجعله من أُولئك الشيعة الولاة في الآيات والروايات.
فروى العيّاشي في تفسيره عن أبي بصير ، قال : سألَ جابر الجعفي أبا عبد الله عليهالسلام عن تفسير قوله تعالى ( وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ ) (٣) ، فقال عليهالسلام : « إنّ الله تعالى لمّا خلق إبراهيم كشف له عن بصره ، فنظر فرأى نوراً إلى جنب العرش ، فقال : إلهي ، وما هذا النور؟ فقيل له : هذا نور عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ناصر ديني ، وإذا على جنبيه ثلاثة أنوار فقال : إلهي ، ما هذه الأنوار؟ فقيل له : هذا نور فاطمة فَطَمْتُ محبّيها من النار ، ونور ولديها الحسن والحسين عليهماالسلام ، فقال : إلهي ، وأرى تسعة أنوار قد حفّوا بهم؟ قيل : يا إبراهيم ، هؤلاء الأئمّة من ولد علي وفاطمة ، فقال : إلهي وسيّدي ، وأرى أنواراً قد أحدقوا بهم لا يحصي عددهم إلّا أنت؟ قيل : يا إبراهيم ، هؤلاء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال إبراهيم : وبِمَ تُعرف شيعته؟ قال : بصلاة الإحدى والخمسين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، والقنوت قبل الركوع ، والتختّم
__________________
(١) معالم الأُصول : ١٤٧ ١٤٨.
(٢) زيادة اقتضاها السياق.
(٣) الصافّات : ٨٣.