البسملة تابعة للفاتحة ، إنْ سرّاً فسرٌّ ، وإنْ جهراً فجهر.
ومنها : صحيحة منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « إذا كنت إمام قومٍ فاقرأ في الركعتين الآخرتين فاتحة الكتاب » (١) ، ولم يقل : واجهر بالبسملة.
ومنها : ما رواه علي بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وفيها : « فإنْ شئت فاقرأ فاتحة الكتاب » (٢) ، يعني : في الآخرتين.
ومنها : صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الآخرتين ، فقال له الإمام عليهالسلام : « يقرأ فاتحة الكتاب ، ومَنْ خلفه يسبّح » (٣).
ومنها : ما رواه جميل ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عمّا يقرأ الإمام في الركعتين في آخر الصلاة؟ فقال : « بفاتحة الكتاب » (٤).
ومنها : صحيحة عُبَيْدِ بن زرارة ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الركعتين الآخرتين ، قال : « تسبيح وتحميد ، وتستغفر لذنبك ، وإنْ شئت فاتحة الكتاب فإنّها تحميد ودعاء » (٥).
فهذه الأخبار كلّها كما ترى واردة للبيان خالية من ذكر البسملة بالمرّة ، فلو كان الجهر بها واجباً لاشتملت عليه ؛ لأنّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة لكونه قبيحاً واستلزامه تكليف ما لا يطاق ، والإجماع على عدم جوازه ، وقد نقل إجماع أهل العدل غير واحد من المتقدّمين والمتأخّرين كالسيّد (٦) والشيخ (٧) والمحقّق (٨) وأضرابهم ، بل منع السيّد المرتضى (٩) من تأخير بيان العامّ المراد به غير ظاهره والمطلق والأسماء الشرعيّة المنقولة من معانيها اللغويّة إلى وقت الحاجة ، وقريب منه كلام العلّامة رحمهالله (١٠) ، وهو الأقرب في نظري ، فحينئذٍ ينتقض الاستدلال على الوجوب بما ذكروه ).
أقول : أمّا الجواب الأوّل فهو الحقّ الذي عليه المعوّل ، وأمّا الثاني فهو وإنْ كان له وجه في الجملة إلّا إنّه يمكن المناقشة فيه
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٩٩ / ٣٧١. (٢) التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٩.
(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٤ / ١١٨٥. (٤) التهذيب ٢ : ٢٩٥ / ١١٨٦.
(٥) التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٨ ، وفيه : « تسبّح وتحمد ».
(٦) الذريعة إلى أُصول الشريعة ١ : ٣٦١. (٧) عدّة الأُصول : ١٧٠.
(٨) معارج الأُصول : ١١١. (٩) الذريعة إلى أُصول الشريعة ١ : ٣٧٦ ٣٧٩.
(١٠) مبادئ الوصول الى علم الأُصول : ١٦١.