أقول : أجمع الأصحاب على استثناء العرية من المزابنة ، واختلفوا في محلها بعد اتفاقهم على انها النخلة ، قال الشيخ في المبسوط : العرايا جمع عرية ، وهي النخلة لرجل في بستان غيره يشق عليه الدخول إليها ، ومثله قوله في الخلاف ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة ووافقهم ابن البراج في المهذب ، وفي الكامل ، قال : هي النخلة تكون في دار الإنسان لغيره.
والمعتمد الأول ، لنص أهل اللغة عليه ، ولاشتراك الموضعين في الحاجة الداعية المشروعة ، وهي كراهة صاحب الدار دخول مالك النخلة إلى داره ، وهذه العلة حاصلة في ملك البستان ، ويحتمل الاختصاص بالدار لرواية السكوني (١٥٣) المخصصة بكونها في الدار.
وهل يجوز بيعها بثمرة منها؟ ظاهر ابن حمزة تحريمه والا لزم اتحاد الثمن والمثمن وهو غير جائز ، ويحتمل الجواز ، لإطلاق الإذن به ، ولوجود المقتضي وهو الرخصة ، والمعتمد عدم الجواز ان شرطه في العقد ، وان لم يشرطه وصبر عليه الى صيرورته ثمرا ، جاز دفع الثمن من ثمرها ، واما العقد فيجب ان يكون حالا.
فروع :
الأول : لا فرق في جواز البيع على مالك الدار أو مستأجرها ومالك البستان ومشتري ثمرته ، للاشتراك في العلة وهي التضرر بدخول الغير.
الثاني : لو أجاز أحد هؤلاء البيع على الغير ، احتمل الجواز لوجود المقتضي للإباحة ـ وهو دفع ضرر المالك بدخول الغير داره ـ إذ التقدير عدم تضرره عرض بدخول من اجازه ، ويحتمل العدم ، لعموم تحريم المزابنة خرج منها بيع العرية على أحد هؤلاء ، يبقى الباقي على المنع.
__________________
(١٥٣) الوسائل ، كتاب التجارة ، باب ١٤ بيع الثمار ، حديث ١.