النسبية أو السببية فلا تدفع مكروه الخطأ ولا تجلب منفعة الصحيح ، ولذلك ضرب القرآن الكريم مثلين :
أحدهما : للذين كفروا فعلىٰ الرغم من أن نوحاً ولوطاً عليهماالسلام من أنبياء الله لكنهما ابتليا بزوجتين خائنتين ، فكانت زوجة نوح تستهزىء به وبرسالته ، وأما زوجة لوط فكانت تدلّ تدلّ قومها علىٰ ضيوفه ، وتتآمر معهم علىٰ زوجها ، فهُما إذن خائنتان واستحقّا دخول نار جهنّم ، فما أغنىٰ عنهما زوجاهما من عذاب الله شيئاً.
والثاني : للذين آمنوا ، فقد ذكر القرآن الكريم امرأة فرعون ، ذلك الطاغية الذي ادّعىٰ الربوبية وبلغ في الشرك مبلغاً عظيماً ، وعلىٰ الرغم من كفره الشديد لكن زوجته « آسية بنت مزاحم » كانت من المؤمنات ، ولم يمنعها من ذلك كفر زوجها ، ولم تتعلّق بإيمانها شائبة من زوجها ، ودعت عليه ، وطلبت من الله أن ينجّيها منه ومن قومه الظالمين.
فالميزان الحقيقي والاعتبار الصحيح إذن ، إنما يعود علىٰ ما يقدّمه الإنسان من عمل ولا قيمة لمثل هذه الانتسابات التي يفرضها المجتمع ، أو تصنعها ظروف اجتماعية خاصة ، قال الإمام الرضا عليهالسلام : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لبني عبد المطلب : ائتوني بأعمالكم ، لا بأنسابكم وأحسابكم » (١).
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : والله لعبدٌ حبشي أطاع الله ، خير من سيّد قرشي عاصٍ لله ، وإن أكرمكم عند الله أتقاكم » (٢).
_______________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٢٣٥ / ٧.
(٢) تفسير القمّي ٢ : ٩.