يلقي بالهيبة والتقدير في قلب من يتدبّره ويتأمّل في عظيم آياته ، وليس هو بكتاب بشري وصناعة إنسانية حتّىٰ يحوطها النقص ويدخل الشكّ في النفوس بقيمة هذه الأفكار ، فكيف يمكن لمن يعرف ذلك ألّا يتّعظ به ولا يستفيد من عطائه إذن ؟! ولذلك ضرب القرآن ـ هذه المرّة ـ مثلاً لبيان قيمة القرآن وعظمة أفكاره ومهابة قدسه ، والصورة البلاغية في هذا المثل القرآني العظيم تعبر عن واقع غير منظور ، ولا استحالة في وقوعه فلو أراد الله سبحانه إنزال هذا القرآن علىٰ الجبل العظيم الشامخ المتين الراسخ لتصدّع وتزلزلت صخوره العظيمة من خشية الله وعظمته فما بال بعض هذه النفوس والقلوب التي لم تنفعل بفعل هذا التنزيل المبارك ؟ ولم تتّعظ بأحكامه المقدّسة ومعانيه الساميةالتي أبت حتّىٰ السمٰوات والأرض والجبال حملها ولم تطق هذا الثقل العظيم والأمانة المقدّسة ، بينما يهيّء الله سبحانه هذا الإنسان لهذه الوظيفة المقدّسة والعمل الكريم ، فَلْيَتَّقِ اللهَ سبحانه ويتهيّأ ليوم الحساب ، ولا ينسىٰ الله فينساه من رحمته.
الحمل لا التحميل
( مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (١).
الظاهرة الإسرائيلية في المجتمعات قد تتّخذ أشكالاً متعدّدة سواء علىٰ مستوىٰ التصوّر والتكفير أو الممارسة ، وهذا التشكيل لم يتوقّف علىٰ مقطع
_______________________
(١) سورة الجمعة : ٦٢ / ٥.