وتدخل هذه العملية في الطريقة الإلهية لتربية المؤمنين ، فيدخلهم في ابتلاء ويفتنهم في امتحان ليمحّص الذين آمنوا من غيرهم ويميز الخبيث من الطيّب ، والصابرين في الجهاد من المتقاعسين ، وإلّا فإن الله سبحانه قادر علىٰ أن يمنح النصر بإنزال آيات التأييد من غير تمحيص أو ابتلاء ، ولكنّه جلّ وعلا جعل الابتلاء نعمةً وخيراً وصلاحاً لعبده المؤمن.
قال الإمام الباقر عليهالسلام : « إنّ الله عزّوجلّ ليتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الرجل أهله بالهدية.. » (١).
وقال عليهالسلام : « إنّما يبتلىٰ المؤمن في الدُّنيا علىٰ قدر دينه » (٢).
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : « إنّ الله إذا أحبّ عبداً غتّه بالبلاء غتّاً » (٣).
بلاء النعمة
( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ) (٤).
القوم الذين كانوا يعيشون بمكة كفروا بالنعم التي احاطت بذلك الوادي وحولته الىٰ خصوبة مزروعة بعد جدب عقيم ، وصيرته بلد الأمن والاطمئنان
_______________________
(١) الكافي ٢ : ٢٥٥ / ١٧.
(٢) الكافي ٢ : ٢٥٣ / ٩.
(٣) الكافي ٢ : ٢٥٣ / ٦.
(٤) سورة النحل : ١٦ / ١١٢ ـ ١١٣.