الأنداد الضالون
الأنداد : جمع ندّ ، وهو الضدّ والشريك ، فقد يتّخذ الإنسان في حياته وعقيدته مثالاً ونموذجاً ربما هذا المثال حجراً أو نباتاً أو ملكاً ، وقد يكون إنساناً مثله أو ديناراً ! وهكذا ، وهذا الاتّخاذ يتحوّل في المشاعر والأحاسيس حبّاً وودّاً ؛ قال تعالىٰ : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ) (١) فهم يضمرون أو ينتزعون حب الله من قلوبهم ليبدلوها حبّاً آخر ، إذ لا يجتمع حبان متناقضان في قلب واحد ، قال تعالىٰ : ( مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) (٢) فإذا دخل حبّ في قلب الإنسان لابدَّ أن يخرج الحبّ الأول أو علىٰ أعلىٰ التقادير يبقىٰ في ضفاف هذا الحبّ الجديد بعيداً عن تأثيراته الصميمية.
ففي عصرنا اليوم لم يعد للأصنام الحجرية أو الجامدة مكان ليعبّر لها بالولاء والحبّ وتقديم الودّ ، ولكن للأصنام البشرية والفكرية والمادية وسائر القوىٰ المؤثّرة في حركة الإنسان وتطور المجتمع مجالاً واسعاً للاسترقاق ما لم تستحكم عقيدة التوحيد في قلوب الناس وعقائدهم.
ولا يعني هذا أننا نرفض حبّ بعضنا للبعض أو حبّنا للقائد والقيم والفكر ، ولكن حين يخرج هذا الحب بطريقة وقناعة معينتين يمكن أن يحكم عليها بالنديّة والإشراك والضلال. يقول السيد الطباطبائي رضياللهعنه : إنّ من أحبّ شيئاً من
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٦٥.
(٢) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٤.