الأرض التي فيها نبات لم يترعرع ويشتدّ بعد ، يجعلها مكسوّة ومزيّنة بألوان هذه الزروع وتصبح الأرض كالعروس المهيأة لزفاف ينتظرها ، فتلقي بشراكها من يغترّ بزخرفها الزائل ، ويتعلّق هذا الإنسان بها ، فتدخل ذهنه الاحتمالات والحسابات المادية ، فيعتقد أنه قادر علىٰ جمع ما أنبتته الأرض والاستفادة ممّا فيها ، وبينما هو في فرحة الآمال ونشوة التعلّق والغرور بزخرف الدنيا وزينتها ، تضرب هذا الزرع آفة عظيمة تحيله الىٰ حصيد مقطوع ومقلوع لا يغني شيئاً ، فتنهدم تلك الآمال وتذهب نفسه حسرات علىٰ حبّه الفاني لها ، وكدّه المرير من أجل بنائها.
هذه الصور المجسّدة تجعل من الحقيقة المعنوية للحياة الدنيا صورة مادية شاخصة بمصيرها المرعب الفاني في ذهن محبّيها تحذيراً لهم ؛ ولتجنيبهم مصير من مضىٰ من المغرورين بها الهالكين فيها. قال صلىاللهعليهوآله : « من أصبح والدنيا أكبر همّه فليس من الله في شيء ، وألزم الله قبله أربع خصال : همّاً لا ينقطع عنه أبداً ، وشغلاً لا ينفرج منه أبداً ، وفقراً لا يبلغ غناه أبداً ، وأملاً لا يبلغ منتهاه أبداً » (١).
لا حوار مع اللّاغين
إنّ ظاهرة سيّئة كاللغو ـ في مواجهة حركة الرسالات ـ إنما يشتدّ ظهورها حين يترك العمل الصالح أثره علىٰ واقع الحياة ، فترىٰ طائفة في الأمة تكرّس همّها لنشر اللغو بوجه هذا الصعود الإيماني الفاعل مستعينة وللأسف بأساليب ملتوية منحرفة غرضها الضوضاء والتشويش والحيلولة دون حركة هذا
_______________________
(١) تنبيه الخواطر / ورام ١ : ١٣٠.