وفي هذه الآيات استدلالات عملية ووجدانية علىٰ ضرورة الانتماء والانتساب لله الواحد الذي لا يشاركه أحد من خلقه في شيء ، ولذلك ـ وباستفهام إنكاري ـ ضرب القرآن الكريم مثلاً من أجل أن يكشف لهم هذه المغالطة وبطلان اعتقادهم من خلال واقعهم الذي يعيشون فيه ، ومن خلال عادة الرقّ المستحكمة في حياتهم ، ذكّرهم القرآن الكريم بأنه هل يمكن أن ينازعكم العبيد والمماليك الذين تملكونهم ؟ وهل تخافونهم كما تخافون أنفسكم الحرّة ؟! وإذا لم يصحّ ذلك ـ وهو كذلك ـ فكيف تعبدون مخلوقات من دون الله ؟!
وقد جاء في معنى الآية : أي ترضون أنتم فيما تملكون شريك ، فكيف ترضون أن تجعلوا لي شريكاً فيما أملك. (١)
وعليه فلا تصحّ لهم هذه المشاركة ، وإنهم بحاجة إلىٰ تحكيم العقل السليم الذي يستفيد من بيان الآيات ( كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) (٢).
القلوب أوعية المعاني
( أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي
_______________________
(١) أنظر : تفسير علي بن إبراهيم القمّي ٢ : ١٥٤.
(٢) سورة الروم : ٣٠ / ٢٨.