ظلمة النفاق
قال تعالىٰ : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) (١).
علىٰ سبيل كشف أبعاد هذا الوجود المنافق وأدواره الخطيرة في نفوس المجتمع المسلم ، تعرّض القرآن الكريم إلىٰ بيان ذلك بطريقة المثل ، فجاء بالمثال الأول ضارباً لذلك النار أو ما يستتبعها من النور ، والاسلام العظيم بعقيدته وأحكامه هو نور لسالكيه ، يهدي إلىٰ الرشد ، ويحقّق للإنسان منفعته ، ويوصله إلىٰ سلامة المنقلب ، فحين يضيء الإسلام بآثاره علىٰ مريديه ويعيش في نفوس متبعيه ، فانه يقضي علىٰ كلّ ظلمة في زوايا هذا الإنسان ، فتستحيل حياته الى نور يبصر فيها ، وتطمئن نفسه الىٰ ما يحيط به ، إذ تتضيق بذلك دوائر جهله بشؤون حياته ( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٢). بينما الإنسان الضالّ يتردّد في غيّه ، وتنحبس نفسه ، ولا ينطق ضميره في هذا الوجود ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ) (٣).
وانطلاقاً من هذه المناسبة للإيمان والكفر ، جاء مثل النار المحسوسة والمرئية
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٧ ـ ١٨.
(٢) سورة الملك : ٦٧ / ٢٢.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٥٧.