الأمة الوسط
قال تعالىٰ : ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) (١).
العناية الإلهية المباركة بهذه الأمة الإسلامية اقتضت أن تتبوّأ مكانه ، وتلقي عليها لياقةً دونها كلّ اللياقات ، وقد جاءت هذه العناية من أجل بناء أمة قائدة تقاس إليها قدرات وسلوك الآخرين وأفكارهم وعقائدهم ، وقد ذهب بعض المفسرين إلىٰ ان معنى الوسط هو حالة بين حالتي الافراط والتفريط في التصوّر والاعتقاد : فلا رهبنة متخلّفة ولا جنوح مادي عاصف. وفي التنظيم والتنسيق : بحيث تهتمّ هذه الأُمة بالتوجّه والتهذيب وتكفل نظام المجتمع بالتأديب والتشريع. وفي الارتباطات والعلاقات : فتعطي للفرد ما يمكنه من الحركة والنماء والاندافاع في جوّ جماعي يكفل الفرد في تناسق وانسجام. وهكذا ترتّب الوسطية لهذه الأُمة في الزمان والمكان وغيرها. وهذا المعنىٰ للوسطية صحيح بنفسه.
قال العلّامة الطباطبائي : ان الأمة الوسط هي التي تكون بين الناس وبين الرسول صلىاللهعليهوآله ، فهي رقيبة وشاهدة علىٰ الناس والاُمم والأقوام وأهل الملل ، ولها النظارة ، والناس تقاس مبادؤهم وأفكارهم وسلوكهم وتصوّراتهم إلىٰ ما تحمله هذه الأُمة الإسلامية الوسط من هذه المعاني ، وفي الوقت نفسه إنّ هذه الأُمة
_______________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٤٣.