وسط النعم الموفورة عليها ، وينبغي التنبه الىٰ ان شكر النعمة لا يأتي عبر شبكة من حروف الشكر والثناء ، ولكن الشكر هو العمل ( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ) (١) ، وأقلّ العمل هو عدم المعصية ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « أقلّ ما يلزمكم الله ألّا تستعينوا بنعمه علىٰ معاصيه » (٢).
من اللجاجة الىٰ التشدّد
وقعت لبني اسرائيل حادثة قتل ، فجهلوا القاتل وأخذوا يتراشقون التهم فيما بينهم ، فكل جماعة أو قبيلة ترمي الأخرىٰ بتهمة القتل ، فتهدّد النظام الاجتماعي بينهم ، وانتشر الرعب والخوف في أواسطهم ، وحينئذٍ لم يجدوا حلاً غير اللجوء إلىٰ شاهد الأمة ونبيها آنذالك كليم الله موسىٰ عليهالسلام ، وهنا يبدأ الاختبار وتظهر المواقف ، فأمرهم عليهالسلام أن يذجوا بقرة أيّة بقرة دون أن يشترط عليهم واحدة منها ، وإذا بهم يواجهونه بصلف ( قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ) (٣) فقد تجرؤوا علىٰ رسول الله السماء واتهموه بالسفه وعدم الجدية والمزاح !
وبعد هذا المنطق الفجّ أخذوا يتساءلون ويثيرون جملةً من الاستفهامات عن أوصاف هذه البقرة حتىٰ انتهت القصة باختيار بقرة لدىٰ فتىٰ من بني إسرائيل دفعوا عوضها « ذهباً » وهو نوع تأديب للذين حكمتهم رؤوس الأموال والقيم
_______________________
(١) سورة سبأ : ٣٤ / ١٣.
(٢) نهج البلاغة : الحكمة (٣٣٠).
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٦٧.